فصل
الشكر خلق من أخلاق الربوبيّة ، قال الله تعالى :
( والله شكور حليم ) (١) وهو مفتاح السعادة وسبب الزيادة ( لئن شكرتم لأزيدنّكم ) (٢) وبه يتحقّق الإيمان وبتركه الكفران الموجب للنيران ( ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد ) (٣) ، ولغاية فضله قرنه بالذكر ( فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ). (٤)
ولعلوّ رتبتهطعن الشيطان في نوع الانسان ( ولاتجد أكثرهم شاكرين ). (٥) وصدّقه الرحمن ( وقليل من عبادي الشكور ). (٦)
وعن عائشة أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قام ليلة فبكى حتّى سالت دموعه على صدره ثم ركع فبكى ، ثم سجد فبكى ثم رفع رأسه فبكى ، فلم يزل كذلك حتّى أذّن بلال ، فقلت : وما يبكيك يارسول الله ، فقد غفر الله من ذنبك ما تقدّم وما تأخّر؟ قال : « أفلا أكون عبداً شكوراً؟ ». (٧)
وإذا علمت أنّ من الشكر البكاء تبيّن أنّ اللائق بحلك إدامته.
وفي الخبر : أنّ نبيّاً من الأنبياء مرّ بحجر صغير يخرج منه ماء كثير ، فتعجّب فأنطقه الله وقال : مذ سمعت قوله تعالى : ( وقودها الناس والحجارة ) (٨) أبكي خوفاً ، فسأله أن يجيره من النار فأجاره ، ثم رآه بعد مدّة يخرج مثله ، فسأله عن ذلك ، فقال : كان ذلك بكاء الخوف ، وهذا بكاء
__________________
١ ـ التغابن : ١٧.
٢ ـ إبراهيم : ٧.
٣ ـ إبراهيم : ٧.
٤ ـ البقرة : ١٥٢.
٥ ـ الأعراف : ١٧.
٦ ـ سبأ : ١٣.
٧ ـ المحجّة البيضاء : ٧ / ١٤٢ مع تلخيص.
٨ ـ البقرة : ٢٤.