علمه بها لعلمه بأنّه المقرّب إلى الله ، بل لو استبدلت لذّته في الدنيا أيضاً بلذّتها لما رضي بذلك لعلمه بكونها لذّة دائمة لاتزول ولا تفنى.
تبيين
فالطريق إلى تحصيل الشكر أمور :
أحدها : معرفة صنائعه والتفكّر في ضروب نعمه الظاهرة والباطنة.
والثاني : النظر إلى الأدنى في الدنيا والأعلى في الدين.
والثالث : حضور المقابر والتذكّر لعذاب الآخرة وثوابها ، فيفرض نفسه منهم ويتذكّر ما يأملونه بعد الممات من العود والتدارك لما فاتهم مع عدم تمكّنهم منه ثم يفرض أنّه قد أجيبت دعوته وردّ إلى الدنيا بعد مماته فليتدارك حينئذ.
والرابع : التذكّر للآلام والأمراض والمصائب النازلة عليه في سابق أيّامه وصرف الله تعالى إياها عنه ، وأنّه لو هلك لم يقدر على التدارك فليغتنم الفرصة حينئذ وليشكر الله سبحانه ولايحزن على مايرد عليه من المصائب.
والخامس : أن ينظر إلى سلامة دينه فيفرح بها ولايحزن من مصائبه الدنيوية ، ويشكر الله على أنّه لم يجعل مصيبته في دينه.
قال رجل لبعض العرفاء : دخل اللصّ في بيتي وأخذ متاعي ، فقال : اشكر الله لو كان الشيطان يدخل بدله في قلبك ويفسد توحيدك فماذا كنت تصنع؟ (١)
ويتفكّر في أنّ مصيبته النازلة به كفّارة لمعاصية ، فلو لم تحلّ به المصيبة في الدنيا لكان معذّباً بالآخرة فيشكر الله على استبدال العذاب الباقي بالعذاب القليل الفاني.
وقد ورد في الأخبار الكثيرة ما يدلّ على أنّ الله إذا عذّب عبده في
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء : ٧ / ٢٢٧.