الطاعة وترك المعصية وصرف النعمة في مقصود الحكمة هو أيضاً عين الطاعة وترك المعصية.
نعم يختلف متعلّقهما ، فإنّ متعلّق الصبر هذه الطاعة وترك هذه المعصية مثلاً ، ومتعلّق الشكر هو العقل الباعث لهما ، فتأمّل.
تنوير
لاتظنّ ممّا قرع سمعك من فضيلة البلاء وأدائه إلى السعادة كونه خيراً من العافية ، بل هي خير من عدمها مطلقاً ، فإيّاك أن تسأل البلاء منه تعالى.
ولذا ورد في الأخبار والأدعية المأثورة الاستعاذة من البلايا وطلب العافية ، فالبلاء نعمة بالاضافة إلى ما يكون أكبر منه في الدنيا والآخرة فاللازم سؤال إتمام النعمة في الدنيا والثواب في الآخرة على شكر النعم والتجافي عن دار الغرور والانابة إلى دار الخلود لكونه قادراً على إعطاء الجميع.
ولاينافيه كلام بعض العرفاء من سؤال البلاء والمصائب ، فإنّه من الكلمات الصادرة عن العشق وفرط الحبّ ، وإنّما يستلذّ بسماعه ولايعوّل عليه ، ولعلّ صيرورته عندهم أحبّ لاستشعارهم برضى المحبوب به ، ورضى المحبوب محبوب ، هذا.
وفي بعض الأخبار مايدلّ على أنّ في الجنّة درجات عالية لايصل العبد إليها الا بالبلايا والمصائب الصبر والشكر عليها.
ويؤيّده ابتلاء أكابر النوع من الأنبياء والأولياء بها وما ورد من أنّها موكّلة بالأنبياء والأولياء ثم الأمثال في درجات العلى.
وعلى هذا فالظاهر اختلاف ذلك باختلاف مراتب الناس في قوّة النفس وقوّة اليقين والمحبّة وضعفها ، بل التحقيق أنّ ما يفعله تعالى هو النظام الأصلح ، فألذي يبتلى ببلاء يكون الأصلح بحاله ذلك ، والذي لايبتلى به يكون الأصلح بحاله ذلك ، كما ورد في الأخبار وشهد به الاعتبار ، وهذا أحسن وجه في الجمع كما لايخفى.