يحصل له تلك المرتبة لم يتمكّن من الإخلاص الحقيقي الغير الممزوج بشيء من شوائب الرياء ولو بأنواعها الخفيّة الغامضة التي هي أخفى من دبيب انملة وحينئذ فكون الناس بأسرها مكلّفين بذلك ممّا ينجرّ إلى العسر والحرج ، بل التكليف بما لايطاق ، مع أنّه إذا خفي عليه ذلك لم يكن مكلّفاً ، فإنّ العلم شرط التكليف ، وإن قلنا بأنّ الجاهل غير معذور وأنّ مباديء العلم باختيار العبد فإنّ تحصيل تلك المباديء من العامة متعسّر بل متعذّر ، يلزم منه فساد النظام وبطلان المعائش ، وعلى هذا فالأحسن التفصيل بان الشوب الممزوج إن كان شوباً ظاهراً لا يخفى على العامّة أو خفيّا أدركه صاحبه واطّلع عليه كان مبطلاً والا فلا ، وإطلاق الأخبار منصرف إلى الأفراد ظاهرة المتبادرة التي هي مناط فهم العامّة فلا يضرّ حصول ما لايدركه العامّة إذا خفي عليه ذلك ولم يطّّلع على وجه شوبه ، بل أقول : الظاهر من الإخلاص المأمور به الإخلاص بحسب علمه الحاصل له في ظاهر الحال دون الفرد الكامل الغير المتحقّق الا بالنسبة إلى الفرد الكامل من الانسان.
فصل
في الطهارة
الطهارة لها أربع مراتب :
أحدها : تطهير الظاهر من الأخباث والأحداث والفضلات.
وثانيها : تطهير الجوارح من الجرائم والمعاصي والسيّئات.
وثالثها : تطهير القلب عن مساوي الأخلاق وذمائم الملكات.
ورابعها : تطهير السرّ عما سوى الله تعالى من المخلوقات ، وهي في كلّ مرتبة نصف العمل الذي يشترط بها ، إذ الغاية القصوى في عمل السرّ انكشاف جلال الله وعظمته وحصول الحبّ والأنس ، ولايحصل ذلك الا بارتحال ما سوى الله عنه.