فصل
في الصلاة ، وفيه مطالب :
المطلب الأوّل :
الصلاة معجون سماوي وتركيب إلهي مركّبة من أجزاء مختلفة :
فمنها : ما هو بمنزلة الروح.
ومنها : ما هو بمنزلة الأعضاء الرئيسة.
ومنها : ما هو بمنزلة سائرها.
توضيحه : أنّ الإنسان لايكون كاملاً في إنسانيّته الا بمعنى باطني هو الروح يتوقّف [ عليه ] أصل وجوده وأعضاء محسوسة بعضها في جوفه كالقلب والكبد والمعدة والدماغ ، وبعضها ظاهر لاينعدم بانعدامه الا أنّه يرتفع به تماميّته ويصير ناقصاً كاليد والرجل وأمثالهما ، وبعضها ظاهر لايصير ناقصاً عرفاً بانعدامه الا أنّه يفوت به حسنه كا لحاجبين وتناسب الخلقة وسواد اللحية وامتزاج البياض بالحمرة ، فكذا الصلاة حقيقة مركّبة صوّرها الشارع من أمور متفاوتة تعبّدنا باكتسابها ، فروحها النيّة والقربة والحضور والإخلاص ، وأركانها من تكبيرة الاحرام والركوع والسجود والقيام كالأعضاء الرئيسة يفوت بفواتها حقيقة الصلاة ، ولاتصحّ بدونها ، وسائر واجباتها كالقراءة والأذكار والطمأنينة والهويّ ورفع الرأس ونحو ذلك بمنزلة اليدين والرجلين قد تفوت بفواتها كالعمد والجهل ، وقد لاتفوت كالسهو والنسيان والجهل في بعض المواضع ، وآدابها ومستحبّاتها من القنوت وسائر الأدعية والأذكار ونحوها ممّا لاتفوت بفواتها حقيقة الصلاة ، بل حسنها وكمالها وزيادة الثواب ، ولها أيضاً تفاوت في الفضل والثواب كتفاوت ما يفوّت حسن الإنسان في تفويت أصل الحسن أو كماله فتصير بفواتها مكروهة غير مرغوب فيها.