إذا عرفت ذلك فاعلم أن الصلاة تحفة وهديّة تهديها وتتقرّب بها إلى حضرة ملك الملوك كفرس يهديها طالب القرب من السلاطين إليهم ، وهي تعرض عليه تعالى وترد عليك يوم العرض الأكبر ، فإليك الأمر في تقبيحها أو تحسينها ، فهل ترضى بإهداء عبد ميّت بلا روح أو فرس حيّ أعمى أو أبكم أو أصمّ أو مقطوع الأطراف أو قبيح الصورة إلى ملك من ملوك الدنيا أو تجتهد في تحصيل الفرد الأجود منها بقدر وسعك ، فإن لم ترض الا بالثاني فما بالك لاتجتهد ولاتهتمّ في تجويد هديّتك التي تهديها إلى مالك الملوك ومذلّ رقاب الجبابرة والمنعم عليك بكلّ شيء حتى بصلاتك التي تهديها إليه ، وهل (١) رضاك بالأوّل في حقّه تحقير بالنسبة إليه وهتك لناموس ملكه وسلطنته وحرمة عزّه وجبروته ، وقد ورد في الأخبار أنّ كلّ صلاة لايحسن الإنسان ركوعها وسجودها فهي أوّل خصم على صاحبها يوم القيامة وتقول : مابالك ضيّعتني ضيّعك الله تعالى. (٢)
المطلب الثاني
المعاني الباطنية التي هي روح الصلاة وحقيقتها سبعة :
أحدها : الإخلاص في النية ، وقد تقدّم.
وثانيها : حضور القلب ، أي تفريغه عن غير ما هو متلبّس به حتّى يكون عالماً بما يقوله ويفعله من دون ذهول وغفلة ، ويعبّر عنه بالإقبال والتوجّه والخشوع والخضوع ، وهو يتعلّق بالقلب بتفريغ الهمّة لها والإعراض عمّا سواها ، حتى لايكون في القلب غير المعبود ، وبالجوارح بغضّ البصر وترك الالتفات والعبث والتثاؤب والتمطّي وفرقعة الأصابع وغيرها من المكروهات التي لاتتعلّق بالصلاة.
__________________
١ ـ كذا ، والمناسب : أليس.
٢ ـ المحجّة البيضاء : ١ / ٣٦٥ ويظهر منه أنّه فهم أبي حامد من الأخبار لا أنّه خبر ، نعم نسبة إلى المعصوم النراقي في جامع السعادات : ٣ / ٣٢٣ بلفظ « قد ورد » ، ويؤيّد عدم كونه رواية أيضاً ما رواه في الكافي : ٣ / ٢٦٨ ، الحديث ٤ فراجع.