والناس مختلفون فيه ، إذ ليس التكليف الا بالمقدور ولايمكن تلكيف الجميع بالحضور في كلّ الصلاة ، بل لا يقدر عليه الا الأقلّون ، ولعدم التمكّن سقط الوجوب الا عن القدر المقدور للجميع وهو الجزء اليسير من النيّة والتكبير فاقتصر عليه ، والمرجوّ من الله سبحانه أن لايكون حال الغافل في جميع صلاته عند الله كالتارك بالمرّة لإقدامه على الفعل وإحضاره القلب ولو في لحظة.
المطلب الثالث
ثم إنّ لهذه السبعة أسباباً لاتتمّ بدونها ، فسبب الحضور الاهتمام ، فإنّ القلب يتبع ما يهمّه ويحضر عند همّه شاء أم لم يشأ ، فهو مجبول عليه ، مسخّر تحت حكمه ، فعدم حضوره في الصلاة إنّما هو لأجل حضوره فيما يهمّه من أمور الدنيا ، إذ لايبقى متعطّلاً ، ولذا تراه حاضراً إذا حضرت عند ملك من ملوك الدنيا مستغرقاً همّه فيه فلا يمكن إحضاره للصلاة الا بصرف همّه إليها وهو لايمكن الا باليقين بكون الآخرة خيراً وأبقى ، والصلاة وسيلة إليها مع حقارة الدنيا ، فعدم الحضور في الصلاة ليس الا من ضعف الإيمان ، فلابدّ من السعي في تقويته.
وسبب التفهمّ بعد الحضور إدمان الفكر وصرف الذهن إلى فهم المعنى. وعلاجه بما ذكر مع الإقبال على الفكر والتشمّر لرفع الخواطر الشاغلة بقطع موادّها من علائق الدنيا التي حدث الخاطر النفساني بسببها ، فمن أحبّ شيئاً أو أبغضه أو خاف منه أكثر ذكره ، فذكرها يغلب على القلب ضرورة.
وأما التعظيم فإنّه حالة للقلب تتولّد من معرفتين :
إحديهما : معرفة جلاله تعالى ، إذ لاتذعن النفس لتعظيم أحد الا بعد اعتقاد عظمته ، وهذه من أصول الايمان.
والثانية : معرفة حقارة النفس وذلّتها وكونها مسخّرة تحت حكمه تعالى