معلوم ). (١)
فمرتبة الترقّي من حال إلى حال ومن نقص إلى كمال مختص بالإنسان.
قال الله تعالى : ( قد أفلح المؤمنون * الّذين هم في صلاتهم خاشعون ... ـ إلى قوله ـ أولئك هم الوارثون ) (٢) وصفهم بالفلاح أوّلاً ووراثة الفردوس الذي هو شهود نور الله والقرب من جواره أخيراً.
المطلب الخامس
ينبغي لإمام الجماعة اختصاصه بمزيد صفاء القلب وسائر الآداب المتقدّمة من بينهم ، لأنّه الجاذب لنفوسهم إلى الله ، فما أقبح ذهوله عن الله ووقوعه في أودية الوساوس الباطلة مع خشوع بعض من يقتدي به واتّصافه بما تقدّم ، وما أفضح حاله مع تعلّق باله والتفات خياله إلى المأمومين الذين لايقدرون على نفعه وضرّه وعدم التفاته إلى مالك الرقاب وخالق الأسباب وربّ الأرباب العالم بضمائر العباد والمطّلع على سرائرهم ، أو لايستحيي من رسول الله وخلفائه الراشدين (٣) فيحلّ محلّهم مع هذا البون الشديد وعدم المناسبة أبداً؟ فليمتحن كلّ ديّن نفسه أوّلاً ، فإن لم يتّصف بهذه الصفات فليترك ولايهلك نفسه.
ومن جملة الامتحان أن يكون فرحه بإمامة غيره باطناً أكثر من إمامة نفسه لحصول المقصود من إجراء السنّة مع السلامة عن الغوائل المحتملة ، ولايكون قصده منها الا القربة وطلب الثواب ، فلو كان في زوايا قلبه داع خفي آخر من الشهرة والجاه وانتظام أمر المعاش فله الويل والثبور ، وعليه وزر كلّ المأمومين ، وهو الذي يصير رقبته جسراً لرقابهم ، كما ورد في الآثار.
__________________
١ ـ الصافّات : ١٦٤.
٢ ـ المؤمنون : ١ ـ ١٠.
٣ ـ يعنى الأئمّة المعصومين عليهمالسلام.