على اعتدال العاقلة ، فمع الحدّة الخارجة عنه يستخرج أشياء دقيقة غير مطابقة للواقع ، فتخرج عن موضوع الحكمة ، ومع البلادة لاينتقل إلى بعضها ، فلا يكون حكمة.
واثنان بإزاء الشجاعة وهما التهوّر في الافراط أي الاقدام على ما يجب الحذر عنه ، والجبن في التفريط أي الحذر عمّا ينبغي الاقدام عليه.
واثنان بإزاء العفّة وهما الشره في الافراط ، أي الانهماك في الشهوات الغير المحمودة عقلاً وشرعاً ، والخمود في التفريط ، أي سكون النفس عن طلب الضروري منها.
وإثنان بإزاء العدالة وهما الظلم في الافراط ، أي التصرّف في حقوق الناس من غير حقّ ، والاتظلام في التفريط أي تمكين الظالم من الظلم عليه والانقياد له على وجه التذلّل ، والحقّ أنّ طرف افراط العدالة بالمعنى الذي أو ضحناه سابقاً هو طرف افراط كلّ من سوابقها وطرف تفريطها كذلك أيضاً.
وأمّا التصرّف في حقوق الناس فيرجع إلى أحدها وتمكين الظالم ـ إلى آخره ـ في الحقيقة ظلم على نفسه.
فصل
قد ذكر القوم لكلّ من الفضائل الأربع أنواعاً ، فللحكمة سبعة :
الذكاء ، أي الملكة الحاصلة من كثرة ممارسة المقدمات المنتجة ، بحيث يسهل بها ترتيب القضايا واستخراج النتائج.
وسرعة الفهم ، أي الانتقال من الملزوم إلى اللازم بحيث لا يحتاج إلى مزيد تأمل.
وصفا الذهن ، أي استعداد النفس لا ستخراج المطلوب من غير تشويش.