ونظامه بالمحبّة الفطرية الثابتة بين الموجودات بأسرها من الأفلاك والعناصر والمركّبات كما لا يخلو شيء منها عن الوجود والوحدة ، إذا الحبّ والشوق إلى التشبّه بالمبدأ رقّص الأفلاك وأدار رحاها. ( بسم الله مجريها ومرسيها ). (١)
ولأجله مالت العناصر إلى أحيازها الطبيعيّة والمركبات بعضها إلى بعض.
سرّ حبّ أزلى بر همه اشيا سارى است |
|
ورنه بر گل نزدى بلبل شيدا فرياد |
ولما كان ظلّ الوحدة أعني الحبّ مقتضياً للبقاء والكمال وضدّه الفساد والاختلال فباختلاف درجاتهما تختلف مراتب النقص والكمال.
نعم خصّ المتأخّرون الحبّ والكراهة بالإرادي الثابت لذوي العقول وأطلقوا على ميل العناصر إلى مراكزها والمركّبات بعضها إلى بعض كالحديد إلى المغناطيس ونفرة بعضها عن بعض اسم الميل والهرب خاصّة والالف والنفرة على الحاصل للعجم من الحيوانات من الموافقة والمعاداة.
فصل
قد تبيّن ممّا ذكر ثبوت المحبّة ولوازمها لله تعالى ، وأنّه المستحقّ لها دون غيره ، وأنّ إنكار من أنكر ذلك ناش عن فراغ قلبه عنها وإلفه بعالم الحسّ حيث زعم أنّها لاتكون الا مع الجنس والمثل ، فلا معنى لها بالنسبة إلى الواجب والممكن ، وإنما المراد المواظبة على الطاعات ، فلم يدرك هؤلاء ... (٢) لذّة المناجاة والعشق والأنس والشوق مع كون كلّ من الكتاب
__________________
١ ـ هود : ٤١.
٢ ـ قال في الإحياء (٤ / ٢٩٤) : « أنكر بعض العلماء إمكانها وقال : لا معنى لها الا المواظبة على طاعة الله تعالى ».