فيكون المراد محبته للعبد من حيث إنّه رشحة من رشحاته ، مظهر من مظاهر جماله وكماله ، والفرق بين المعنيين أنّ التجوّز في الأول قد ارتكاب في لفظ الحبّ ، وفي الثاني في متعلقه أو في الإسناد ، فتطّن.
ثم لكلّ من الحبّين علامات.
فمن علامة حبّ الله للعبد ما قاله النبي صلىاللهعليهوآله : « إذا أحبّ الله عبداً ابتلاه ، فإذا أحبّه الحبّ البالغ أفناه ، قيل : وما أفناه؟ قال : لم يترك له مالاً ولا أهلاً ». (١)
فالعلامة أن يوحشه عن غيره ويحول بينه وبين غيره.
قيل لعيسى عليهالسلام : لم لاتشتري حماراً فتركبه؟ قال : أنا أعزّ على الله من أن يشغلني عن نفسه بحمار. (٢)
وفي الخبر : « إذا أحبّ الله عبداً ابتلاه فإن صبر اجتباه وإن رضي اصطفاه ». (٣)
ومن أختصّ علاماته حبّه لله تعالى ، فإنّه يدلّ على حبّ الله له.
وقال النبي صلىاللهعليهوآله : « إذا أحبّ الله عبداً جعل له واعظاً من نفسه وزاجراً من قلبه يأمره وينهاه ». (٤)
ومن علاماته أن يتولّى أموره ظاهراً وباطناً ، سرّاً وجهراً فيكون هو الوكيل والمشير والمدبّر في أمره ومسدّد ظاهره وباطنه وجاعل همومه همّاً واحداً وكاشف الحجب بينه وبين معرفته.
وأمّا علامات حبّ العبد لله فهي كثيرة :
منها : حبّ لقاء الحبيب بطريق الكشف والمشاهدة في دار الخلود ، فلا معنى لادّعاء الحبّ من عدم حب اللقاء.
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء : ٨ / ٦٧ ، وفيه : « اقتناه ، قيل : وما اقتناؤه؟ ».
٢ ـ المحجّة البيضاء : ٨ / ٦٧.
٣ ـ المحجّة البيضاء : ٨ / ٦٧.
٤ ـ المحجّة البيضاء : ٨ / ٦٧.