فصل
لابدّ لمن وفّقه الله تعالى لاستجماع الفضائل الخلقيّة والملكات النفسيّة أن يعلم ويتذكّر دائماً أنّ ما وفّق له من أشرف الجواهر وأرغب النفائس بحيث لايعقل ما يوازنه يوازيه ، ولا يتصوّر ما يكافؤه ويساويه ، وأنّه النعمة الحقيقيّة الدائمة التي لايفارقه أبداً ، حيث إنه من مواهبه تعالى المنزّهة عن الاسترداد.
داده خويش چرخ بستاند |
|
نقش الله جاودان ماند |
فإن سعى في تبقيتها وتثميرها واهتمّ في تنميتها وتكثيرها وفّق في كلّ آن لنعمة عظيمة عديمة المثال ، إلى أن يتّصل بنعمة أبديّة لا يعتريها زوال ولا اضمحلال ، وإن ضيّعها ولم يعرف قدرها وأهمل في تنمية ثمرها فياحسرة له على الذلّ والهوان ، ووالهفاً له على الغبن والحرمان ، وواأسفاً له على الخيبة والخسران.
وإن يعلم أنّ حرص أبناء نوعه في اقتناء الشهوات الحسيّة ونيل اللذّات الدنيّة الدنيويّة واكتساب الفوائد المجازية والمنافع العرضية بحيث يتحمّلون لأجلها مشاقّ الأسفار في البراري والقفار والأودية والغياض والبحار ، ويتعرّضون لأسباب التلف من السباع وقطّاع الطرق والظلمة والأسر والنهب والقتل وغيرها من الأخطالر مع حصول الذلّ والهوان والخيبة والخسران في غالب ما يأملون ، والوقوع فيما يخافون عنه ويحذرون ، بل ربما ينجرّ سعيهم إلى أنواع الملامة وأصناف الحسرة والندامة ، بحيث تكاد تزهق أرواحهم وتتفطّر من الغمّ والهمّ أجسامهم وأشباحهم. والذي يظفر بمطلوبه بعد كدّ شديد وتعب ماله من مزيد ، لا وثوق له ببقائه ويضطرب دائماً من زواله وفنائه بتطرّق النوائب وحدوث الحوادث والمصائب ، فما يحدث له من