خاصّاً بالبدن ، وتأثّراً من تأثّره وبالعكس ، كما أنّ قطع بعض الأعضاء يحدث في النفس ألماً ، والخجلة والفرح يحدثان في اللون صفرة أو حمرة ، والخوف يحدث في البدن ارتعاشاً ، فتأثّر البدن بها سيّما مايتعلّق منها بالأعضاء الرئيسيّة يستلزم في القوّة النظرية نقصاً ، وفي إدراكها فساداً ، وربّما يحدث من غلبة البلغم الحمق والبلادة ، ومن غلبة الصفراء سوء الخلق والفظاظة ، ومن غلبة الدم قلّة الصبر وسرعة الغيظ ، ومن بعض الأمراض السوداوية الجبن ، ومن بعضها التهوّر وغير ذلك.
فصل
فإن كان الباعث عليها الأمراض الجسمانيّة عالجها بالمعالجات الطبيّة حتى ترتفع آثارها بارتفاعها ، وإن كان أحد الآخرين فعلاجها كالجسمانّي في المعاجة بالتغذية أوّلاً ، ثم التداوي ثانياً ، ثمّ السموم ثالثاً ، ثم الكيّ والقطع رابعاً ، فليبدأ فيها أيضاً بالتأمّل في مراتب قبح تلك الرذيلة واستقصاء وجوه مفاسدها المترتّبة عليها حتّى لايبقى له شائبة ريبة ، ويحكم ذلك في التخيّل بحيث لايبقى له مجال غفلة ، فيتجنّب عنها ذلك ، فإن حصل المقصود والا فليواظب على تحصيل ضدّها من الفضيلة والمواظبة على آثارها من الأعمال ، فكما أنّ الحرارة المزاجيّة تدفع البرودة العرضيّة ، فكذا الفضيلة الحادثة في النفس تزيل ضدّها من الرذيلة ، فهذه بمنزلة العلاج بالتغذية.
فإن لم تنجع فليوبّخ نفسه وليؤدّبها بالذّم واللوم فكراً وقولاً وعملاً ، فإن حصل المقصود والا فلينظر انّها من آثار أيّ قوّة من القوى فليعدّلها بالأخرى ، فإنّ نقوية احديها تستلزم ضعف الأخرى ، إذ قد عرفت أنّ فائدة الغضبية كسر صولة الشهويّة ، وهذه بمنزلة العلاج بالأدوية.
فإن لم تؤثر فليرتكب ما يقابلها من الرذائل مع حافظة التعديل ، فالجبون يعمل عمل المتهوّر والمتملّق يعمل عمل المتكبّر ، والخائف يخوض