المقام الأوّل
في ذكر الرذائل ومعالجاتها
وإذ قد عرفت أنّ لكلّ فضيلة رذيلتين جنساً ولهما أنواع ولوازم كثيرة لاتحصى ، فلابدّ من ذكر الجنسين من رذائل العاقلة مع ماهو من أعظم أنواعها ولوازمها في عدّة فصول :
فصل
أوّل الجنسين الجربزة الباعثة لعدم الوقوف على شيء وعدم الاستقرار عليه فيؤدّي إلى الإلحاد وفساد الاعتقاد في الأصول وإلى الوسواس في الفروع ، وينجرّ بسببه إلى الحرمان من معظم الطاعات والعبادات ـ وعلاجها ـ بعد التذكّر لقبحها وما يترتّب عليها من المفاسد ، وما دلّ على مدح العلم وشرفه ، وذمّ الجهل ونقصه ، حيث إنّه خلوّ النفس عن الجزم بما يطابق الواقع سواء خلت عن مطلق الجزم خاصّة ، أو مع الشكّ أيضاً ، أو اشتملت عل الجزم بما يخالفه فيشمل الجنسين معاً ـ هو عرض ما فهمه على الأفهام السليمة والأذهان المستقيمة وعقائد أهل الحقّ والأخذ بما وافقها وطرح ما خالفها ، ولايزال يكرّر ذلك مكلّفاً نفسه عليه حتّى تعتاد بالقيام على الوسط. وربّما كان الاشتغال في العلوم الرياضيّة من الحساب والهندسة والاعتياد عليها نافعاً في رفع هذا المرض. ولما كان الغالب من حال من ابتلي بها الشكّ والحيرة ، فكلّ ما يعلج به ذاك فهو علاجها.
فصل
ثاني الجنسين البلادة المستلزمة لخلوّ النفس عن العلم أيضاً ، وهو