تذنيب
الوسائس بأسرها تحدث في النفس ظلمة تمنعها عمّا خلقت لأجله ، لكن لا مؤاخذة في ظاهر الشريعة على حديث النفس وما يترتّب عليه من الميل يقيناً لعدم ترتّب أثر فعلي عليه ، ولخروجه عن الطاقة البشريّة الا من أيّد بالنفس القدسيّة ، وللأخبار الكثيرة.
منها لما نزل قوله تعالى :
( إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) (١) جاء ناس من الصحابة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقالوا : كلّفنا مالا نطيق ، إنّ أحدثا ليحدث في نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه ، ثمّ يحاسب بذلك! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « لعلّكم تقولون كما قال بنو إسرائيل : سمعنا وعصينا ، قولوا : سمعنا وأطعنا ، فأنزل الله الفرج بقوله : ( لا يكلّف الله نفساً الا وسعها ) (٢).
ونحوه أخبار أخر.
والخبر المشهور عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : « وضع عن أّمتي تسع خصال : الخطأ ، والنسيان ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطرّوا إليه ، وما استكرهوا عليه ، والطيرة ، والوسوسة في التفكّر في الخلق ، والحسد مالم يظهر بلسان أويد » (٣).
وعن الصادق عليهالسلام : « عن الوسوسة وإن كثرت؟ فقال : لا شيء فيها تقول لا إله الا الله » (٤).
وأمّا العزم على المعصية والهمّ بها مع عدم فعلها ، فقد ادّعي إجماع الشيعة على عدم المؤاخذة عليه مطلقاً.
ويدّل عليه ظواهر الأخبار الكثيرة أيضاً.
__________________
١ ـ البقرة : ٢٨٤.
٢ ـ البقرة : ٢٨٦ ، وراجع الدر المنثور ذيل الآية.
٣ ـ الوسائل : ج١١ ، ب٥٦ من أبواب جهاد النفس ، ح ٢٣.
٤ ـ الكافي : ٢ / ٢٤٢ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الوسوسة ، ح ١.