يصل الى القوة السامعة التي في الصماخ ، وهو عصب مفروش داخل الاذن ، جعل الله فيه قوة يسمع بها ما يلاقيه من الاصوات. وقد عرفت من قبل كيفية حصول الصوت وقيامه بالهواء.
وقال بعضهم بنفيه ، وأنه لا يفتقر الى الهواء ، والا لما أدركنا الصوت من وراء الجدار على هيئته ، فان من المحال أن يبقى التموج على شكل الصوت مع صدمه الجدار ونفوذه في مسامعه. وهذا مجرد استبعاد من غير دليل.
الثالث ـ الشم : وهو قوة موجودة (١) في حلمتين كحلمتي الثديين ناشئتان من الدماغ في مقدمه ، قد فارقتا لين الدماغ قليلا ، ولم تلحقهما صلابة العصب ، خلق الله فيها تلك القوة الشامة ، وخلق في آخر الانف عظما مثل المصفاة فيه ثقوب ينفذ (٢) الهواء المتكيف من رائحة ذي الرائحة في تلك الثقوب فيصل الى تلك الزائدتين فيحصل الشم.
الرابع ـ اللمس : وهو أنفع الادراكات ، اذ باعتباره يحفظ الحيوان مزاجه عن المنافي الخارجي ، فانه لما كان مركبا من العناصر [الاربعة] ولكل واحد منها مقدار معين لا يزيد عليه ، فاعتدال مزاجه هو بقاء تلك المقادير على ما هي عليه من غير زيادة ولا نقصان.
فوهبه الله تعالى قوة سارية في جميع سطوح بدنه وهي اللمس يدرك بها ما ينافيه فيبعد عنه وما يلائمه فيقرب منه ، بحيث تبقى تلك المقادير المعينة على ما هي عليه ، فلهذا كان أنفع الادراكات ، لكونه دافعا للضرر.
بخلاف باقي القوى من الشم والذوق وغيرهما فانها جالبة للنفع ، ودفع الضرر أقدم من جلب النفع ، لان النفع لا يصل الى البدن الا بعد أن يكون على
__________________
(١) فى «ن» : مودعة.
(٢) فى «ن» : ينتقل.