الاعتدال ، وبقاؤه على الاعتدال انما هو بدفع الضرر ، فيكون أقدم.
وهل هو قوة واحدة أو أكثر؟ ذهب الجمهور من الحكماء الى الثاني ، وقسموه الى قوا أربع : الاول : الحاكمة بين الحار والبارد الثاني : الحاكمة بين الرطب واليابس الثالث : الحاكمة بين الصلب واللين.
الرابع : الحاكمة بين الخشن والاملس ، بناء منهم على أن القوة الواحدة لا يصدر عنها أكثر من واحد.
وذهب آخرون الى أنه قوة واحدة تدرك جميع الكيفيات ، قال في المناهج : وهو أولى.
الخامس ـ الذوق : وهو قوة خلقها الله تعالى في سطح اللسان تحت الجلدة ، ولا يكفي فيها الملامسة ، بل لا بد من توسط الرطوبة اللعابية المنفعلة عن طعم ذي الطعم ، وتلك الرطوبة منبعثة عن الخرقين (١) اللذين تحت اللسان المولدين للعاب ، ويجب خلو تلك الرطوبة من الطعم ، لانها لو كانت ذات طعم فان كان مماثلا للمدرك لم يتحقق الادراك ، لان الادراك انما يكون بالانفعال والشيء لا ينفعل عن مثله ، وان كان مخالفا لم يحصل التأدية ، للكيفية على صرافتها ، كما في حق المرضى ، فوجب حينئذ كونها عذبة خالية من الطعوم.
ثم انها هل ادراكها للطعم بانفعالها بكيفية الجسم ثم تنفذ الى سطح اللسان ، فتدرك تلك القوة ، أو بانفصال أجزاء من الجسم ثم تغوص (٢) في اللسان وتخالطه؟ المشهور الاول ، والثاني محتمل.
__________________
(١) فى «ن» : العرقين.
(٢) فى «ن» : تعرض.