لعلة صاحبه ، لزم تقدم الشيء على نفسه بمرتبة واحدة أو بمراتب.
أقول : لما توقف دليل اثبات الصانع تعالى على ابطال الدور والتسلسل قدم البحث في ابطالهما. والدور (١) هو توقف كل واحد من الشيئين على صاحبه فيما هو متوقف عليه فيه.
اما بمرتبة واحدة كما يتوقف «أ» على «ب» و «ب» على «أ» ، أو بمراتب كما يتوقف «أ» على «ب» و «ب» على «ج» و «ج» على «د» و «د» على «أ» وسمي الاول دورا مصرحا والثاني دورا مضمرا ، وهو محال بقسميه ، والا لزم كون الشيء الواحد موجودا معدوما معا وهو محال.
وذلك لانه اذا توقف «أ» على «ب» مثلا كان «أ» متوقفا على «ب» وعلى جميع ما يتوقف عليه «ب» اما بواسطة أو لا بواسطة ، ومن جملة ما يتوقف عليه «ب» الألف نفسه ، فيكون الألف متوقفا على نفسه ، والموقوف عليه من حيث أنه موقوف عليه متقدم ، فيكون الألف متقدما ، والموقوف من حيث أنه موقوف يكون متأخرا ، فيكون الألف متأخرا ، فيلزم أن يكون متقدما متأخرا معا ، والمتقدم من حيث أنه متقدم يكون موجودا قبل المتأخر ، فيكون المتأخر حينئذ معدوما ، فيكون موجودا معدوما معا وهو محال ، وهو لازم من الدور ، فيكون محالا وهو المطلوب.
[بطلان التسلسل]
قال : ولا يمكن تسلسل العلل والمعلولات ، لان تلك الجملة ممكنة قطعا ،
__________________
(١) الدور قسمان : ظاهر والمصرح ومضمر وهو الثاني «منه».