الغير المنقسمة بالفعل ، وادعى مع ذلك أن تلك الاجزاء غير متناهية ، فورد عليه أمران :
أحدهما : أنه يلزم منه أن يقطع [المسافر] المسافة المتناهية في زمان غير متناه ، وهو باطل.
بيان ذلك : ان المتحرك لا يقطع المسافة الا بعد قطع أجزائها ، واذا كانت أجزاؤها غير متناهية ، كانت الازمنة التي يقع فيها القطع غير متناهية.
وثانيهما : أنه لو كانت الاجزاء غير متناهية ، لكان المقدار غير متناه ، واللازم باطل ، فالملزوم مثله. أما بيان بطلان اللازم فظاهر ، لتناهي المقدار بالضرورة. وأما الملازمة فلان زيادة المقدار ونقصانه (١) تابعان لزيادة الاقسام الموجودة في الجسم ، فاذا كانت الاقسام الموجودة في الجسم بالفعل غير واقفة عند حد فبالضرورة تكون المقدار كذلك.
اعتذر النظام عن الوجه الاول بالطفرة ، وهو أن المتحرك اذا قطع مسافة غير متناهية الاجزاء في زمان متناه ، فانه يطفر بعض الاجزاء ويتحرك على البعض الاخر ، كما ان النملة مثلا تقطع مسافة ما تطفر بعض أجزائها الى البعض.
وعن الوجه الثاني بالتداخل ، وهو أن قال : لا يلزم من عدم تناهي الاجزاء عدم تناهي المقدار ، وذلك لان الاجزاء تداخل (٢) ، فيصير جزءان وأزيد في جزء واحد وفي قدره ، فلا يلزم بقاء النسبة المقدارية.
وهذان العذران باطلان أما التداخل : فيجيء بطلانه فيما بعد إن شاء الله تعالى. وأما الطفرة : فهي مع شناعتها غير مفيدة ، فانا نعلم بالضرورة بطلانها فانه لا يعقل حركة جسم من أول المسافة الى آخرها الا بعد مروره بالوسط ،
__________________
(١) فى «ن» : زيادة المقادير ونقصانها.
(٢) بتشديد الدال وفى «ن» : تتداخل.