(٩)
باب الكلام فى الخاص والعام والوعد والوعيد
ان قال قائل : خبرونا عن قول الله تعالى : (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (١).
وعن قوله : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً) (٢).
وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (٣) فالجواب عن ذلك أن قوله تعالى : (مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً ...) يحتمل أن يقع على جميع من يفعل ذلك ويحتمل أن يقع على بعض. لأن لفظ «من» يقع فى اللغة مرة على الكل ومرة على البعض ، فلما كانت صورة اللفظة ترد مرة ويراد بها البعض وترد أخرى ويرد بها الكل لم يجز أن يقطع على الكل بصورتها كما لا يقطع على البعض بصورتها. وكذلك لا يقضى بقوله : (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) و (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ ..) على بعض ولا على كل ؛ اذ كان يقع ذلك تارة على الكل وتارة على البعض ولا جاز لزاعم أن يزعم أن الصورة انما هى للكل حتى تأتى دلالة البعض لم يكن هذا الزاعم (٤) بزعمه هذا أولى ممن
__________________
(١) س ٨٢ الآية ١٤.
(٢) س ٤ الآية ٣٠.
(٣) س ١٤ الآية ١٠.
(٤) غيرها م الى قوله : «لزاعم» مع أن الأصل هو الصحيح.