على جواز خلقه الحياة فى الرمة البالية والعظام النخرة ، وعلى قدرته على خلق مثله. ثم قال : أو ليس الّذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم» (١). وهذا هو المعول عليه فى الحجاج فى جواز اعادة الخلق (٢).
وهذا هو الدليل أيضا على صحة الحجاج والنظر ؛ لأن الله تعالى حكم فى الشيء بحكم مثله وجعل سبيل النظير ومجراه مجرى نظيره. وقد قال الله تعالى : (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (٣). وقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) (٤) ـ يريد وهو هين عليه ـ فجعل الابتداء كالاعادة. فان قال قائل : زيدونى وضوحا فى صحة النظر (٥). قيل له : قول الله تعالى مخبرا عن ابراهيم عليهالسلام لما رأى الكوكب : (قالَ هذا رَبِّي ، فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ. فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي ، فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي
__________________
(١) نفس السورة الآية ٨١
(٢) يعتمد دليل الأشعرى على أن الاعادة ممكنة عقلا وما دامت كذلك وقد ورد النص بوقوعها فيجب التصديق بها. ولكن الفلاسفة فيما بعد قالوا أن إعادة المعدوم ممتنعة بداهة وعلى ذلك فيجب تأويل النص لوجود قرينة تحيل المعنى الأصلي. فهل صادف الأشعرى هذا الاعتراض؟ وهل كان رأيه أن بعث الأجسام سيكون عن عدم أم عن جمع للأجزاء الأصلية كما ذهب الى ذلك المحققون من أتباعه؟ الواقع أنه لا يعرف للأشعرى رأى فى ذلك بل ربما لم يشتغل أصلا بمثل هذه المباحث لعدم الضرورة إليها فخصومه المعتزلة كانوا يسلمون بحشر الأجساد.
(٣) س ٣٠ الآية ١١
(٤) س ٣٠ الآية ٢٧
(٥) نقلها الناسخ : النظير.