على أنّ المثوبة واقعة تجاه حقائق الأعمال ومقتضياتها الطبيعية ، لا ما يعروها من عوارض كالوجوب والندب حسب المصالح المقترنة بها ، فليس من المستحيل أن يكون في طبع المندوب في ماهيّات مختلفة ، أو بحسب المقارنات المحتفّة به في المتّحدة منها ، ما يوجب المزيد له.
ويقال في المقام : إنّ ترتّب المثوبة على العمل إنّما هو بمقدار كشفه عن حقيقة الإيمان ، وتوغّله في نفس العبد ، وممّا لا شك فيه أنّ الإتيان بما هو زائدٌ على الوظائف المقرّرة من الواجبات وترك المحرّمات من المستحبات والتجنّب عن المكروهات أكشف عن ثبات العبد في مقام الامتثال ، وخضوعه لمولاه ، وحبّه له ، وبه يكمل الإيمان ، ولم يزل العبد يتقرّب به إلى المولى سبحانه حتى أحبه كما ورد فيما أخرجه البخاري في صحيحه ٩ : ٢١٤ عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله عزوجل قال : ما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أُحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده الّذي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ...» الحديث (١) (٢).
__________________
(١) صحيح البخاري ٨ : ١٣١ ، في الرقاق ، باب التواضع. وطبعة أخرى ٥ : ٢٣٨٤ ح ٦١٣٧.
(٢) وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات : ٤١٦ ، والذهبي في ميزانه ١ : ٣٠١ (المؤلّف قدسسره).