تعالى وصفه بكونه فضلاً من الله ، ثمّ وصف الفضل من الله بكونه فوزاً عظيماً ، ويدل عليه أيضاً أنّ الملك العظيم إذا أعطى الأجير أجرته ثمّ خلع على إنسان آخر ، فإنّ تلك الخلعة أعلى حالاً من إعطاء تلك الأجرة. انتهى (١).
وقال ابن كثير نفسه في الآية الشريفة في تفسيره ٤ : ١٤٧ : ثبت في الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «اعملوا وسدّدوا وقاربوا واعلموا ، انّ أحداً لن يُدخله عمله الجنّة» ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله! قال : «ولا أنا ، إلّا أن يتغمّدني الله برحمةٍ منه وفضل» انتهى.
وبوسعك استشعار هذا المعنى من الصحيح الذي أخرجه البخاري في صحيحه ٤ : ٢٦٤ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «حقّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وحقّ العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً» (٢).
وأنت جدّ عليم بأنّ هذا المقدار من الحق الثابت على الله للعباد إنّما هو بتقرير العقل السليم ، وأمّا الزائد عليه من النعيم الساكت عنه نبي البيان فليس إلّا الفضل والإحسان من المولى سبحانه.
وأنت تجد في معاملات الدول مع أفراد الموظفين أنه ليس بإزاء
__________________
(١) التفسير الكبير ٢٧ : ٢٥٤ ـ ٢٥٥.
(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٠٤٩ ح ٢٧٠١ ، وطبعة أخرى ٩ : ١٤٠.