باب الأحكام
وإعراب القلوب على أربعة أنواع : رفع وفتح وخفض ووقف ، فرفع القلب في ذكر الله تعالى ، وفتح القلب في الرضاء عن الله تعالى ، وخفض القلب في الاشتغال بغير الله تعالى ، ووقف القلب في الغفلة عن الله تعالى ، فعلامة الرفع ثلاثة أشياء : وجود الموافقة ، وفقد المخالفة ، ودوام الشوق ، وعلامة الفتح ثلاثة أشياء : التوكّل والصدق واليقين ، وعلامة الخفض ثلاثة أشياء : العجب والرياء والحرص وهو مراعاة الدنيا وعلامة الوقف ثلاثة أشياء : زوال حلاوة الطاعة ، وعدم مرارة المعصية ، والتباس الحلال.
باب الرعاية
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : " طلب العلم فريضة على كلّ مسلم" ، وهو علم الأنفاس ، فيجب أن يكون نفس المريد شكرا أو عذرا ، فإن قيل : ففضل وإن رد فعدل فطائع الحركة بالتوفيق ، والسكوت بالعصمة ولا يستقم ذلك له إلا بدوام الافتقار والاضطرار.
ومفتاح ذلك
ذكر الموت لأن فيه راحة من الحبس ونجاة من العدو وقوامه برد العمر إلى يوم واحد ولن يلتئم ذلك إلا بالتفكر في الأوقات ، وباب الفكر الفراغ ، وسبب الفراغ الزهد. وعماد الزهد التقوى ، وسنام التقوى الخوف ، وزمام الخوف اليقين ، ونظام اليقين الخلوة والجوع ، وتمامها الجهد والصبر وطريقهما الصدق ، ودليل الصدق العلم.
باب النية
لا بدّ للعبد من النية في كل حركة وسكون : " فإنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ونية المؤمن خير من عمله". والنية تختلف على حسب اختلاف الأوقات ، وصاحب النية نفسه منه في تعب ، والناس منه في راحة وليس شيء على المريد أصعب من حفظ النية.
باب الذكر
اجعل قلبك قبلة لسانك ، واشعر عند الذكر حياء العبودية وهيبة الربوبية ، واعلم بأن الله تعالى يعلم سر قلبك ويرى ظاهر فعلك ويسمع نجوى قولك ، فاغسل قلبك بالحزن وأوقد فيه نار الخوف ، فإذا زال حجاب الغفلة عن قلبك كان ذكرك به مع ذكره لك. قال الله تعالى : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) [العنكبوت : ٤٥]. لأنه ذكرك مع الغناء عنك وأنت ذكرته مع الفقر إليه ، فقال : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد : ٢٨]. فيكون اطمئنان القلب في ذكر الله له ووجله في ذكره الله ، قال الله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ). [الأنفال : ٢] والذكر ذكران ذكر خالص بموافقه القلب في سقوط النظر إلى غير الله ، وذكر صاف بفناء الهمة عن الذكر ، قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : " لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك".