باب الشكر
وفي كل نفس من أنفاس العبد نعمة لله تتجدد عليه يلزمه القيام بشكرها. وأدنى الشكر أن يرى النعمة من الله تعالى ويرضى بما أعطاه ولا يخالفه بشيء من نعمه ، وتمام الشكر في الاعتراف بلسان السر أن الخلق كلهم يعجزون عن أداء شكره على أصغر جزء من نعمه وإن بلغوا غاية المجهود ، لأن التوفيق للشكر نعمة حادثة يجب الشكر عليها ، فيلزمك على كل شكر شكر إلى ما لا نهاية له ، فإذا تولى الله العبد حمل عنه شكره فرضي عنه بيسير وحطّ عنه ما يعلم أنه لا يبلغه ويضعفه (وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) [الإسراء : ٢٠].
باب اللباس
اللباس نعمة من الله على عبده يستر به البشرة ولباس التقوى ذلك خير ، وخير لباسك ما لا يشغل سرك عن الله تعالى ، فإذا لبست ثوبك فاذكر محبة الله الستر على عباده فلا تفضح أحدا من خلقه بعيب تعلمه منه واشتغل بعيب نفسك فاستره بدوام الاضطرار إلى الله تعالى في تطهيره ، فإن العبد إذا نسي ذنبه كان ذلك عقوبة له وازداد به جزءا على المعاصي ، ولو انتبه من رقدة الغفلة لنصب ذنوبه بين عيني قلبه نصبا ولبكى عليه بجفون سره واستولى عليه الوجل فذاب حياء من ربه ، وما دام العبد يرجع إلى حول نفسه وقوتها انقطع عن حول الله وقوته ، فاطرح همتك بين يدي الخوف والرجاء : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر : ٩٩].
باب القيام
فإذا قمت من فراشك فأقم قلبك عن فراش البطالة ، وأيقظ نفسك عن نوم الجهالة ، وانهض بكلك إلى من أحياك ، وردّ إليك نفسك ، وقم بفكرك عن حركتك وسكونك ، واصعد بقلبك إلى الملكوت الأعلى ، ولا تجعل قلبك تابعا لنفسك فإن النفس تميل إلى الأرض ، والقلب يميل إلى السماء واستعمل قول الله عزوجل : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر : ١٠].
باب السواك
واستعمل السواك فإنها مطهرة للفم مرضاة للرب ، وطهر ظاهرك وباطنك عن دنس الإساءة ، وأخلص أعمالك عن كدر الرياء والعجب ، واجل قلبك بصافي ذكره ، ودع عنك ما لا ينفعك بل يضرك.
باب التبرز
وإذا تبرزت لقضاء وطر فاعتبر ، فإن الراحة في إزالة النجاسة ، واستنج ونكس رأس همتك ، وأغلق باب الكبر ، وافتح باب الندم ، واجلس على بساط الندامة ، واجتهد في إيثار أمره واجتناب نهيه والصبر على حكمه ، واغسل شرك بترك الغضب والشهوة ، واستعمل الرغبة والرهبة فإن الله تعالى مدح قوما فقال : (إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ) [الأنبياء : ٩٠].