القاعدة السابعة
الخوف والرجاء معنى ، وعدم الاطمئنان بجلال الإحسان إلا عند العيان ، فحسن ظنك منك بالجواد الحسان.
القاعدة الثامنة
دوام الورد إما في حق الحق أو حق العباد ، فإن من ليس له ورد فماله من الموارد إمداد ، فالمديم يمل الحل بملاله بخلاف الذي يغيب بأعماله وأقواله ، فإن النفس تنبسط بذلك جهرا وسرّا ، وتراعي حقوق العباد كما يتوقع منهم خيرا وشرّا ، فيحب ويبغض لهم ما يحب ويبغض لنفسه خيرا وشرّا ، ويعلم لله تعالى ما يرضى كما يحب أن يفعل الله ما يرضى.
القاعدة التاسعة
المداومة على المراقبة ولا يغيب عن الله سبحانه وتعالى طرفة عين ؛ فمن داوم على مراقبة قلبه لله سبحانه وتعالى ونفى غير الله وجد الله وإحسانه وعلم اليقين يحصل ذلك لك بجملته وهو أن ترى الحركات والسكنات والأعيان بتحريكه وتسكينه وقدرته سبحانه لا يستغنى عنه شيء. ثم تزيد مراقبته إلى أن تترقى إلى علم اليقين ، ثم يفنى عن ذلك به ، وذلك حقيقة اليقين فيقول : ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه سبحانه وتعالى ، هو القيوم على كل شيء بقيوميته ، وذلك الشيء هو القائم بأمره وبقدرته على حسب المشاهدة والمحاضرة ، فتأدب مع الخلق وعاشر أحسن المعاشرة ؛ قال صلىاللهعليهوسلم : «أدّبني ربّي فأحسن تأديبي».
القاعدة العاشرة
علم ما يجب الاشتغال به ظاهرا وباطنا اجتهادا ؛ لأن من ظن أنه استغنى عن الطاعة فهو مفلس معادا لقوله سبحانه لا رب إلا سواه (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) [آل عمران : ٣١] فهذا ما بنيت على أعمدة قواعده قصورا من غير قصور ، وأسست عليه شوامخ الحجار لربات الحجور ، وحرثته بمحراث فدن ، وبذرته بصنوف حبوب السعادة ، وغرست في فرادسه الأذكار ، وأجريت في جناته من الأوراد والأنهار ، وفرشته بشقائق نعمان المجاهدة ، ومهدته بحدائق حقائق المكابدة ؛ راجيا حصاد زرعي بمناجل الهمم ، وقاصدا غنيمة إنفاقي من مواهب الكرم ، والله تعالى يزكيه ويربيه ، ويرتع فيه من ظهر فيه ، ومن التحق به ممن يحييه ، إنه الجواد الكريم البر الرحيم.
والسلام على من اتبع الهدى ، فما ابتدع ونفع وانتفع ولحق بعباد الله الصالحين وحزبه المفلحين ورحمته وبركاته ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد نور أنوار المعارف وسر أسرار العوارف ، وعلى آله وصحبه وتابعي سبيله وحزبه ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وتعم البركات آمين.