بسم الله الرّحمن الرّحيم
معراج السّالكين
فاتحة معراج السالكين
اللهم إنا نحمدك ونشكرك معتقدين فيك أنك لا ترتاح إلى الشكر ارتياح ذوي الحاجات لكن النفوس المؤيدة تأبى إلا الشكر لمنعمها. سبحانك أيها الرب الرحيم حلمت مع نفوذ علمك وأمهلت مع شدة بطشك ولم تمنع الرزق من جاهر بعصيانك. تعاليت أنت القريب الظاهر الأول الآخر لا تستفزك سطوة العبيد وأنت أقرب إليهم من حبل الوريد.
ونسألك اللهم صلاة زاكية مباركة على نبي الرحمة ومنقذ هذه الأمة ، محمد عبدك الدال عليك والهادي إليك.
إخواني نصحت لكم فهل تحبون الناصحين وتحريت رشدكم فهل علي إلا البلاغ المبين وما تغني النصيحة. وقد عم الداء ومرض الأطباء واستشفى بغير الشفاء واعتيض من البصر بالعمى. وخبثت القلوب ورين عليها. وعطلت البصائر ونسب التقصير إليها. واتخذت آيات الله هزوا ولعبا. وصيرت أغراض الآجلة إلى العاجلة سببا فلا موقظ من غفلة ، ولا زاجر عن زلة :
مرضى عن الخيرات في بحر الردى |
|
غرقى فلا داع لنهج أقوام |
شغفوا بكل رذيلة مذمومة |
|
صرفت وجوههم لوجه الدرهم |
ناموا عن المقصود لم يستيقظوا |
|
ستكون يقظتهم لخطب أعظم |
فنعوذ بالله أن نكون ممن رغب عن طريق هو لها سالك ، وقال هلك الناس وهو في جملتهم هالك.
اعلم أيها الأخ أن الباعث على إسعافك في مطلوبك غرضان مهمان. ولما اقتصرت في طلبك على موافقتهما ودارت رغبتك على تحصيل حقيقة مقصودهما. واقتصرت همتك من بين العلوم على العلوم الإلهية وزعمت أن مقصودك طلب الخلاص من شر الاعتقادات الفاسدة ، والهرب من الآراء المجانبة للحق المعاندة. رأيت تقديم التنبيه على الغرضين المذكورين لنستوجب العذر فيما انتدبنا إليه ، وليكون ذلك المهم الأكبر الذي نبهنا عليه.
الغرض الأول : أيها الأخ ما شاهدناه من فساد الزمان وأخذه في الازدياد وكثرة الآراء وفساد الاعتقاد ، وعدم ذابّ يبذل فيها الاجتهاد ، ويمرها على كف الانتقاد ، ولو لا سياسة الملوك