المشيئة وهم المرادون بقوله تعالى : (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) [الحجرات : ١٤]. والسيف عند هؤلاء أصدق أنباء من الكتب ، وهو أحد ما يساسون به.
الفرقة الثانية : طائفة نطقت بكلمتي الشهادة تقليدا مأخوذا من الآباء والأمهات والمعلمين لكنهم مقبلون على وظائف الشرع ، فهؤلاء هم المسلمون على الحقيقة ، ولهم تقدمة على الفرقة الأولى وهم المرادون بقوله تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) [الأحزاب : ٣٥]. الآية. وبقوله سبحانه : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ) [لقمان : ٢٢]. الآية.
الفرقة الثالثة : قوم اعتقدوا الشريعة وصدقوا ولم يقتصروا على درجة المسلمين ، بل استعملوا النظر والاستدلال وذبوا عن حرم الدين ، وهؤلاء أكثر المتكلمين من أهل السنة وأصحاب الحديث وهم المؤمنون المسلمون ، فهم أخص إذ الإسلام أعم. وقد فصل صلىاللهعليهوسلم بين الإسلام والإيمان في حديث السائل وقال تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) [الأحزاب : ٣٥]. وقال تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) [الأنفال : ٤].
الفرقة الرابعة : فرقة ترقوا عن هذه الطريقة إلى درجة اليقين والثلج ، فإن التصديق منقسم إلى التام والناقص فمن صدق بالشيء واستعمل ضربا من الإقناع سمي مصدقا ، ولكن التام هو الذي يصدق بالشيء عن برهان ومع قيام البرهان على أن ذلك البرهان لا يجوز أن يكون بخلاف ما تقرر عليه ولا في حين ما لا بالذات ولا بالعرض. ولا يجوز أن يبعث نبي صادق بضده أصلا ولو بعث بنقيضه لاعتقد تكذيبه ، فإن قيل : فهذا تصريح بتفاضل المؤمنين في إيمانهم. قلت : فهو الصحيح ، وقد قال النبيصلىاللهعليهوسلم : " الإيمان بضع وسبعون شعبة". وقال صلىاللهعليهوسلم : " يخرج من النّار من في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان" ، والإيمان في اللفظ اللغوي هو التصديق وقد قدمنا أن التصديق ينقسم إلى التام والناقص. فإن قيل : بل التصديق لا يتفاضل والإيمان يكون بمعنى العمل ، قلنا : أما أن الإيمان التصديق فهو مشهور في اللغة وهو الأصل وهو في الأعمال منقول والاستمساك بحقيقة اللغة أولى حتى يدل الدليل ، وقد دل دليل الشرع على تفاضل الإيمان بما ذكرنا. فإن قيل : هب أنا سلمنا أن الإيمان هو التصديق فما الدليل على انقسام التصديق في نفسه؟ قلنا : التصديق عبارة عن الاعتقاد ، والاعتقاد لفظ عام وحقيقته ركون النفس إلى متخيل إما في نفسه أو في إثباته ، ثم المعتقدات إن كانت في النفس كما هي عليه من خارج فهو اعتقاد للشيء وتصور له وعلم به على ما هو عليه ، ومتى كان من خارج على خلاف ما هو في النفس فهو تصديق وتصور ناقص إذ من اعتقد زيدا أبيض فوجده أسود نقص اعتقاده.
الفرقة الخامسة : أقوام اعتقدوا الإسلام وصحته ، لكن اعتقدوا في الإله تعالى وصفاته ما نسبوا به إلى البدعة والفسق.
الفرقة السادسة : أقوام أضافوا إلى ذلك ما نسبوا به إلى الكفر كمن صدق بالنبوة من الفلاسفة ، واعتقد أن ذلك يرجع إلى ملك قائم ثم اقتضى له مولده أن يكون حسن السياسة