القيام بحقّه ، فيقال : من أعظم ملكا أنتم أم سليمان؟ فيقولون : سليمان ، فيقال : ما شغله ذلك عن القيام بحقّي. ثمّ يقال : أين أهل البلاء؟ فيؤتى بهم فيقولون لهم : أيّ شيء شغلكم عن عبادة الله؟ فيقولون : ابتلانا الله في الدّنيا فشغلنا عن ذكره والقيام بحقّه ، فيقال لهم : من أشدّ بلاء أنتم أم أيّوب؟ فيقولون : أيّوب ، فيقال لهم : ما شغله ذلك عن القيام بحقّ الله. ثمّ ينادى أين الشّباب والمماليك؟ فيؤتى بهم ، فيقال لهم : ما شغلكم عن عبادة الله؟ فيقولون : أعطانا جمالا وحسنا فتنّا به فكنا مشغولينعن القيام بحقّه ، وتقول المماليك : شغلنا رقّ العبوديّة ، فيقال لهم : أنتم أكثر جمالا أم يوسف؟ فيقولون : يوسف ، فيقال لهم : ما شغله ذلك وهو في الرّقّ عن القيام بحقّ الله. ثمّ ينادى : أين الفقراء؟ فيؤتى بهم ، فيقال لهم : ما شغلكم عن القيام بحقّ الله؟ فيقولون : ابتلينا في الدّنيا بالفقر فشغلنا عن القيام بحقّ الله ، فيقال لهم : من أشدّ فقرا عيسى أم أنتم؟ فيقولون : عيسى ، فيقال : ما شغله عن ذكرنا». فمن ابتلي بشيء من هذه الأربع فليذكر صاحبه. وقد كان صلىاللهعليهوسلم يقول في دعائه «اللهمّ إنّي أعوذ بك من فتنة الغنى والفقر» فاعتبروا بالمسيح فقد صح أنه ما كان يملك شيئا قط ، وقد لبس جبة صوف عشرين سنة ، وما كان له في سياحته إلا كوز وسبحة ومشط ، فرأى يوما رجلا يشرب بيده فرمى الكوز ولم يمسكه بعد ، ورأى رجلا آخر يخلل لحيته بيده فرمى المشط من يده ولم يمسكه بعد. وكان يقولعليهالسلام : دابتي رجلاي ، وبيوتي كهوف الأرض ، وطعامي نباتها ، وشرابي أنهارها. وفي بعض الصحف المنزلة : يا بن آدم حسنة وسيئة من أنواع الحياة والقتل متعمدا والخطأ أيضا إذا استهين بكفارته ولم يقتص ، فاحذرهما فإنهما فعل عظيم ، والكبائر قد يرجى لصاحبها الشفاعة بعد التخليص ، فأكرمهم يخرج من النار بعد ألف سنة وقد امتحش. وكان الحسن البصري رحمهالله تعالى يقول في كلامه : يا ليتني ذلك الرجل! ولا شك أنه كان رحمهالله تعالى عالما بأحكام الآخرة. ويؤتى يوم القيامة برجل فلم يجد حسنه ترجح بها ميزانه أو قد اعتدلت بالسوية فيقول الله تعالى له رحمة منه : اذهب في الناس من يعطيك حسنة أدخلك بها الجنة ، فيسير يجوس خلال الناس فما يجد أحدا يكلمه في ذلك ، وكل من كلمه وسأله يقول : أخشى أن يخف ميزاني أنا أحوج إليها منك ، فييأس فيقول له رجل : ما الذي تطلب؟ فيقول له : حسنة واحدة ، فلقد مررت بقوم لهم منها ألوف فبخلوا علي ، فيقول له الرجل : لقد لقيت الله تعالى فما وجدت في صحيفتي إلا حسنة واحدة وما أظن أنها تغني عني سيأخذها هبة مني إليك ، فينطلق بها فرحا مسرورا فيقول الله له : كيف جاء لك؟ وهو سبحانه أعلم ، فيقول ما كان منه مع الرجل ، فيدعى بالرجل الذي أعطاه الحسنة فيقول الله تعالى : كرمي أوسع من كرمك ، خذ بيد أخيك وانطلق إلى الجنة! وإذا استوى كفتا الميزان لرجل فيقول الله : لا هو من أهل الجنة ولا هو من أهل النار ، فيأتي الملك بصحيفة يضعها في كفة السيئات فيها مكتوب «أف» فترجع على الحسنة لأنها كلمة عقوق ، فيؤمر به إلى النار ، فيلتفت الرجل