له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ، هل هو صحيح ، أم هو غيره؟
ومن المستوجب للبرزخ؟ فإن من رجع ميزانه صار إلى الجنة ومن خف ميزانه صار إلى النار ، ومن استوى ميزانه كان في المشيئة. فهل هو عبارة عن التوقيف إلى أن تنفذ له الكرامة ، أو غلبته الشقاوة؟
والملائكة هل هم من المنعمين مع بني آدم في الجنة أم في غيرها؟ وهل هم المعبر عنهم بالولدان أم الولدان صنف رابع غير الملائكة ، وبني آدم والجن والحور العين نوع خامس ، أم كيف هم ، وما صفتهم؟.
وقد أفصح الكتاب أن عرض الجنة كعرض السماء والأرض ، وفي هذا أيضا ما يحتاج إلى النظر أن يكون السماء لها وعاء وظرف ، ويزيد عرضها على عرضها.
وحوض رسول الله صلىاللهعليهوسلم هل هو الفوز في أرض الموقف أم في الجنة؟ والذي يظهر من الحديث أن من سبق له الفوز من النار شرب منه في شدائد الموقف قبل الفصل ، وقبل الشفاعة ؛ وهل ماؤه من الجنة أو غيرها؟ ولا يصح أن يكون من غيرها لقوله صلىاللهعليهوسلم : " من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا" وهل يكون شيء من الجنة في الأرض؟ وهل لجميع الأنبياء عليهمالسلام حياض ، أم هو من خصائص نبينا عليهالسلام مع الشفاعة؟.
فلينعم بالجواب المشروح عن هذه الأسئلة بطريق الاستيفاء ، مثابا متطولا إن شاء الله تعالى.
فقال مجيبا عنها :
أسئلة أكره الخوض فيها والجواب ، لأسباب عدة ؛ لكن إذا تكررت المراجعة أذكر قانونا كليا ينتفع به في هذا النمط وأقول :
بين المعقول والمنقول تصادم في أول النظر وظاهر الفكر ؛ والخائضون فيه تحزبوا إلى مفرط بتجريد النظر إلى المنقول ، وإلى مفرط بتجريد النظر إلى المعقول ، وإلى متوسط طمع في الجمع والتلفيق.
والمتوسطون انقسموا إلى من جعل المعقول أصلا ، والمنقول تابعا ، فلم تشتد عنايتهم بالبحث عنه ، وإلى من جعل المنقول أصلا ، والمعقول تابعا ، فلم تشتد عنايتهم بالبحث عنه ، وإلى من جعل كل واحد أصلا ويسعى في التأليف والتوفيق بينهما. فهم إذن خمس فرق :
الفرقة الأولى : هم الذين جردوا النظر إلى المنقول ، وهم الواقفون على المنزل الأول من منازل الطريق القانعون بما سبق إلى أفهامهم من ظاهر المسموع ؛ فهؤلاء صدقوا بما جاء به النقل تفصيلا وتأصيلا ، وإذا شوفهوا بإظهار تناقض في ظاهر المنقول وكلفوا تأويلا امتنعوا وقالوا : إن الله قادر على كل شيء. فإذا قيل لهم مثلا : كيف يرى شخص الشيطان في حالة واحدة في مكانين ، وعلى صورتين مختلفتين؟ قالوا : إن ذلك ليس عجبا في قدرة الله ، فإن الله قادر على كل شيء. وربما لم يتحاشوا أن يقولوا : إن كون الشخص الواحد في مكانين في