[اشتهار أمر أبي عبد الله الشيعي]
واشتهر أمر أبي (١) عبد الله بأرض كتامة ، وسمّي «المشرقيّ» لقدومه من الشّرق.
وكان إذا بايعه الواحد قيل : تشرّق ، وتسارع المغاربة إليه. ولما استفاضت دعوة المهديّ كثر الطّلب عليه من العراق والشّام ، فسار متنكّرا من سلمية ، ثمّ إلى الرّملة ، ثمّ مصر ، ومعه ولده محمد صبيّ ، وأبو العبّاس أخو الدّاعي أبي (١) عبد الله بزيّ التّجّار. فتوصّلوا إلى طرابلس الغرب. فلمّا وصل المهديّ إلى طرابلس الغرب قدم أبو (٢) العبّاس أخو (٢) الدّاعي إلى القيروان فوصلها ، وقد جاءت المكاتبات من مصر بالإنذار وصفته والتّوكيد في طلبه ، فعنى زيادة الله بطلبه ، وتقصّى أخباره ، فوقع بأبي العبّاس ، فقرّره فلم يعترف ، فحبسه برقّادة. وكتب إلى طرابلس في طلب المهديّ ، وكان قد خرج منها قاصدا أبا عبد الله داعيته ، وفات أمره.
ثم علم في طريقه بحبس رفيقه ، فعدل إلى سجلماسة (٣) ، وأقام بها يتّجر ، فبلغ زيادة الله أنّه بسجلماسة ، فقبض متولّيها على المهديّ وابنه. ثمّ وقعت الحرب بين زيادة الله وبين أبي عبد الله الدّاعي ، فهزمه أبو عبد الله مرّات ، وهرب من الجيش أبو العبّاس ، ثمّ مسك. ثمّ سار زيادة الله منهزما إلى مصر ، ولحق أبو العبّاس بأخيه. ثمّ سارا في جيش كثيف وطلبا سجلماسة ، فخرج اليسع متولّيها للقتال ، فهزمه أبو عبد الله سنة ستّ وتسعين ، كما سيجيء (٤).
__________________
= غزو الروم. وانظر : العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ١٦٥ ـ ١٦٧ ، وتاريخ ابن خلدون ٤ / ٤٣٦ ، ٤٣٧ ، والمؤنس ٥٠ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٥٠ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٢٣٧ ، وفيه دفن بالقيروان ، والبيان المغرب ١ / ١٧٨ ، والمكتبة العربية الصقلّية ٤٥٢.
(١) في الأصل : «أبو».
(٢) في الأصل : «أبا» و «أخا».
(٣) سجلماسة : بكسر أوله وثانيه وسكون اللام. مدينة في جنوب المغرب في طرف بلاد السودان.
(٤) انظر الخبر ، باختصار ، في :
نهاية الأرب ٢٤ / ١٤٦ ، والعبر ٢ / ٨٥ (حوادث سنة ٢٩٠ ه) ، ودول الإسلام ١ / ١٧٥ ، ومرآة الجنان ٢ / ٢١٨.