(الأصل الأول
العلم بأنه تعالى لا خالق سواه)
فهو سبحانه الخالق (لكلّ حادث جوهر أو عرض) على اختلاف أنواعه (كحركة كل شعرة) وإن دقّت ، (وكلّ) أي : وككل (قدرة) ، لكل حيوان عاقل أو غيره ، (و) كلّ (فعل اضطراريّ كحركة المرتعش والنبض) أي : وكالنبض وهو حركة العروق الضوارب بالبدن ، (أو اختياريّ كأفعال الحيوانات المقصودة لهم) وأتى بضمير العاقل في قوله : «لهم» تغليبا.
(وأصله) أي : دليله ، يعني دليل العلم بأنه سبحانه الخالق لكل حادث ، نقلي وعقلي ، فالدليل (من النقل : قوله تعالى : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (سورة الزمر : ٦٢) ، وقوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦)) (سورة الصافات : ٩٦) حكاية عن قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام (لهم حين كانوا ينحتون الأحجار بأيديهم ثم يعبدونها ، ولا يمتنع إنكاره عليهم بهذه العبارة مع جعل «ما» مصدرية) كما ذهب إليه سيبويه ، أي : موصولا حرفيا لا يحتاج إلى عائد ، فيستغنى عن تقدير الضمير المحذوف لو جعلت موصولا اسميا ، والمعنى على المصدرية : والله خلقكم وخلق عملكم.
ولا منافاة في ذلك للإنكار كما يزعمه المعتزلة ، فإن قول المصنف : «ولا يمتنع إنكاره ... إلخ» إشارة إلى سؤال من طرف المعتزلة أورده صاحب «الكشاف» (١) وغيره منهم ، وإلى جوابه.
محصل السؤال : أن معنى الآية إنكار السيد إبراهيم عليهم عبادة مخلوق ينحتونه بأيديهم ، والحال أن الله تعالى خلقهم وخلق ذلك المنحوت ، والمصدرية
__________________
(١) انظر : الكشاف ، ٥ / ٢١٨.