الشرط ، فالقدرة كالمشروط والفعل كالشرط ، فكما لا يوجد المشروط بلا شرط كذلك لا توجد القدرة) الحادثة (بلا فعل ، ويجوز) أن يوجد الفعل بدون قدرة حادثة ، إذ يجوز (أن يوجد الشرط بلا مشروط ، وهذه القدرة) أي : المسماة بالمكنة (شرط التكليف مقدّمة عليه) ضرورة وجوب تقدم الشرط على المشروط ، (وهي عبارة عندهم) أي : عند أهل السنة (عن سلامة الآلات) أي : آلات الفعل (وصحة الأسباب) أي : أسبابه (١) ، (بناء على أن من كان كذلك) أي : سليم الآلات وقد صحت له الأسباب (فإن الله تعالى يخلق له القدرة عند الفعل ، كذا أجرى سبحانه العادة) لا يسأل عما يفعل سبحانه ، (ومن مشايخنا) معشر أهل السنة (من ذهب إلى أن القدرة) المقابلة للمكنة أعني المستجمعة لشرائط التأثير (تتقدم حقيقة على الفعل) (٢). وبالله التوفيق.
__________________
(١) آلات الفعل وأسبابه : أما آلات الفعل فهي التي يكون بها الفعل ، كاليد التي يكون بها اللطم ، والفأس التي تكون بها النجارة ، والإبرة التي تكون بها الخياطة وما أشبه ذلك. وأما الأسباب فهي الواردة المحفّزة أو البواعث التي من أجلها يكون الفعل ، فصحتها شرط لإيقاع الفعل بخلق الله له القدرة.
(٢) هذا بحث له علاقة بالماهية والوجود ، أيهما أسبق ؛ فالماهية هي ما اكتنفت الوجود وحدّدته ، وقد تكون مقارنة لوجود شيء أو ثبوت خصوصية. أما الوجود فهو عبارة عن الثابت المعين ، وقد قال البعض : بأنه لا تكون أصالة للماهية وإنما هي تابعة للوجود ، وأثبت البعض أصالتها مستدلا بأنه لو كان الوجود أصلا لكان وجودا عينيا خارجيا ، وإلا لزم أن يكون لوجوده وجود ويؤدي ذلك إلى التسلسل وهو باطل. وهنا الفعل يمثل جانب الوجود ، أما المكنة وتصور دواعي الفعل وحقيقته يمثل جانب الماهية ، والمصنف جزم بتقدم المكنة على الفعل ، ولا شك أن ذلك على مستوى التأثير وليس على مستوى الذهن.