منهج الكتاب
يتكون الكتاب من المتن والشرح ؛ ففي المتن ساير ابن الهمام الغزالي في رسالته الموجودة في كتاب قواعد العقائد من إحياء علوم الدين ؛ وهي الرسالة المترجمة في القدس ولذلك سميت بالرسالة القدسية ؛ وفيها أربعة أركان ؛ في كل ركن عشرة أصول ؛ ثم ختم الغزالي كتاب قواعد العقائد بفصل تحدث فيه عن الإسلام والإيمان وما بينهما من الاتصال ؛ وتابعه ابن الهمام في ذلك أيضا.
بيد أن كتاب ابن الهمام لم يتميز بالاختصار الذي طبع رسالة الغزالي ، بل توسع فيه وتعرض لأبرز المسائل المتعلقة بالعقيدة مستحضرا في ذلك كل ما كتبه شيوخ الماتريدية وأحيانا الأشاعرة ؛ فعرّفنا بمدارس مجهولة كالمدرسة السمرقندية وبعض شيوخ ما وراء النهر الذين تضلّعوا في أساليب الاستدلال ، ولكنّ مؤلفاتهم لم تنتشر الانتشار اللائق في العالم الإسلامي.
وقد اتبع ابن الهمام المنهج نفسه عند تأليفه كتابه الموسوم : «التحرير في أصول الفقه» حيث جمع بين اصطلاحي الشافعية والحنفية ، وهنا تراه يجمع بين اصطلاحي الأشاعرة والماتريدية مع التنبيه أحيانا على اصطلاحات السلف ، وانفتاحه على المدارس الأخرى ؛ فأحيانا يرجح مذهبا على حساب مذهبه ؛ وحينا ينتصر بقوة لمذهبه.
ثم جاء ابن أبي شريف في شرحه لهذا الكتاب بالتتمات اللازمة والتعليقات اللائقة لمادة هذا الفن ، بأسلوب بسيط ـ في أغلبه ـ ، فكان حوارا فكريّا بين شيخ وتلميذه ، وبين ما تريدي وأشعري ، متضمنا أكثر من ثمانين كتابا مرجعا في العقائد والأصول والفقه والحديث واللغة ؛ ومبتعدا عن الجفاء الذي طبع كثيرا من كتب العقائد ؛ ومحتويا على غالبية المسائل العقائدية.