ظلم ، بالمنع) أي : منع كون ذلك ظلما حال كون ذلك المنع (مسندا ، بأن الظلم هو التصرف في ملك الغير كرها) ، من غير رضا من المالك (أما) تصرف من تصرف (في ملك نفسه فلا ،) أي : فليس ظلما ، بل هو عدل وحق كيف كان.
(و) هذا المنع المسند بما ذكر (قد يدفعونه بأن صرائح العقول) دالة (على أن تعذيب المملوك ذي الإحسان على) ما أحسن به من (فعله مراد سيده ظلم ، فالملك لا أثر له في نفيه ،) أي : في نفي الظلم (إنما المؤثر في نفيه الجناية) أي : أن يكون المعاقب عليه جناية من العبد بارتكابه خلاف المراد.
(وأجيب) من طرف أهل السنة (بأنه :) أي : ما ذكره من الدفع (مبني على التحسين والتقبيح العقلي) كل منهما (وسنبطله) في الأصل الخامس من هذا الركن (١).
(وقد يقولون) أي : المعتزلة في دفع ما ذكر من كونه مبنيا على التحسين والتقبيح العقليين (ليس هذا) الذي ذكرناه من كون تعذيب المملوك على فعله مراد سيده ظلما (من محل النزاع ؛) بيننا وبينكم في الحسن والقبح العقليين (لأنه) أي : لأن محل النزاع هو (تقبيح العقل) الفعل (في حكم الله تعالى ، أي : جزمه) يعني العقل (بأن حكم الله) تعالى (ثابت بالمنع فيما استقبحه) العقل ، (وأما إدراك) العقل الحسن بمعنى (صفة كمال ، أو القبح بمعنى (٢) صفة نقص فلا نزاع) بيننا وبينهم (في ثبوته) كما سيأتي أول الأصل الخامس ، (فيمكن إرادتهم) أي : المعتزلة (إياه) أي : القبيح (بهذا المعنى ، بل هو واجب) أي : متعين الإرادة (إذ) لو حمل القبح على المعنى الذي هو محل النزاع لكان المعنى أن حكم الله تعالى ثابت بمنعه تعالى من التعذيب و (يبعد من عاقل أن يقول إن تكليف الله تعالى متعلق بالله سبحانه ،) أي يبعد أن يقول ذلك عاقل (فيكون قولهم : تعذيب العبد لفعله مراد سيده ظلم ، أي : صفة نقص يجب تنزيه الله تعالى عنه).
(والجواب) حينئذ (منع كونه (٣) صفة نقص في حقه تعالى) وإن كان صفة نقص في حقنا ؛ إذ لا قبيح منه تعالى (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) (سورة الأنبياء : ٢٣) ، غايته أن صفة حسنه خفيت علينا ، (وعلى) تقدير (التسليم فإنما يكون) تعذيب العبد
__________________
(١) في ص ١٧٧.
(٢) في (ط) : أي.
(٣) في (م) : أنّه.