(ويجاب) عنه : (بأن الشرط) في حق أيوب (متقدم) على نبوته ، المتقدمة على عروض الابتلاء له.
(وجعل الأكل على الطريق منافيا) للنبوة (هو) مبني (على تقدير أن العرف كذاك) أي : كما ذكرنا آنفا من أنه قلة مروءة (إذ ذاك) أي : في ذلك الوقت الذي هو زمن بعثة ذلك النبي.
(وقد ذكرنا أن عصمتهم من غير الكفر موجب النبوة ، واختلف فيه) أي : في ذلك الغير ، الذي هو متعلق العصمة : (فقيل : تجب عصمتهم من الكبائر مطلقا) ، عمدا وسهوا من غير تقييد بالعمد (دون الصغائر) المأتي بها (عمدا) ، فلا تجب عصمتهم منها عند هذا القائل ، فحالة السهو أولى عنده ، وهذا القول منقول عن إمام الحرمين منا ، وأبي هاشم من المعتزلة.
(والمختار): لجمهور أهل السنة (العصمة) أي : وجوب عصمتهم (عنهما) أي : عن الكبائر مطلقا وعن الصغائر ، (إلا الصغائر غير المنفّرة) حال كون إتيان غير المنفرة (خطأ) في التأويل ، (أو سهوا) مع التنبيه عليه ، أما الصغائر المنفرة كسرقة لقمة أو حبة ، وتسمى صغائر الخسة فهم معصومون عنها مطلقا ، وكذا من غير المنفرة كنظرة لأجنبية عمدا.
(ومن أهل السنة من منع السهو عليه) أي : على النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : لا يقع منه سهو في فعل أصلا ، (وصرح بأنّ سلامه على ركعتين في حديث ذي اليدين) في الصحيحين (١) (كان قصدا منه ، وأبيح له ذلك ليبيّن للناس حكم السهو) ومثل ذلك صلاته الظهر خمسا في حديث ابن مسعود في الصحيحين وغيرهما (٢) ، وتركه التشهد الأول في الظهر في حديث ابن بحينة ، صححه الترمذي (٣).
(والأصح : جواز السهو في الأفعال عليه) والمذهب السابق غير مرضي ،
__________________
(١) رواه البخاري في السهو رقم : (١١٧٠ ـ ١١٧١) ، ومسلم برقم : (٥٧٣) ، ومالك ١ / ٩٣ ، وأبو داود برقم : (١٠٠٨) ، والترمذي رقم : (٣٩٤) ، النسائي ٣ / ٣٠.
(٢) رواه البخاري في السهو رقم : (١١٦٨) ، ومسلم برقم : (٥٧٢) ، وأبو داود (١٠١٩) ، والترمذي (٣٩٢) ، والنسائي ٣ / ٣١.
(٣) حديث عبد الله بن مالك بن بحينة ـ في الصحيحين وغيرهما ـ رواه البخاري في الصحيح في السهو برقم : (١١٦٦ ـ ١١٦٧) ، ومسلم برقم : (٥٧٠) ، ومالك ١ / ٩٦ ، وأبو داود (١٠٣٤) ، والترمذي (٣٩١) ، والنسائي ٣ / ١٩.