(الأصل العاشر)
في إثبات نبوة نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم
(نشهد أن محمدا صلىاللهعليهوسلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرسله إلى الخلق أجمعين) بالهدى ودين الحق (خاتما للنبيين ، وناسخا لما قبله من الشرائع ،) و «الخلق» بمعنى المخلوقين ؛ لأن إرساله إلى من يعقل من الإنس والجن ، قال بعض العلماء : وإلى الملائكة. نقل ذلك الشيخ الإمام أبو الحسن السبكي (١) ، وصرح الإمام الرازي في تفسير قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١)) (سورة الفرقان : ١) بعدم دخول الملائكة في عموم من بعث صلىاللهعليهوسلم إليهم (٢) ، ولنا في ذلك كلام أواخر «الدرر اللوامع في تحرير جمع الجوامع» (٣) فليراجعه من آثر الوقوف عليه.
ولإثبات نبوته صلىاللهعليهوسلم مسالك ذكر المصنف المشهور منها بقوله : (لأنه) أي : لأن محمدا صلىاللهعليهوسلم (ادّعى النبوة) أي : الرسالة عن الله (وأظهر المعجزة) تصديقا لدعواه ، وكل من ادّعى النبوة وأظهر المعجزة تصديقا لدعواه فهو نبي فمحمد صلىاللهعليهوسلم نبي. وقد تكلم المصنف كغيره على مقدمتي هذا الدليل فقال : (أما دعواه النبوة فقطعي لا يحتمل التشكيك ،) لأنه قد تواتر تواترا ألحقه بالعيان والمشاهدة ، (وأما إظهاره للمعجزة ؛ فلأنه أتى بأمور خارقة للعادة مقرونا) إتيانه بها (بدعوى النبوة) كائنا قرن تلك الأمور بدعوى النبوة ، (بمعنى : جعلها) أي : جعل تلك الأمور
__________________
(١) تقي الدين علي بن عبد الكافي ؛ السبكي الكبير. توفي سنة ٧٥٦ ه بالقاهرة. انظر كلامه في الدرر اللوامع أيضا ، ٢ / ٢١٩.
(٢) انظر : مفاتيح الغيب ، ١٢ / ٤٦ ، وقد نقل الرازي الإجماع على ذلك.
(٣) انظر : الدرر اللوامع في تحرير جمع الجوامع ، ٢ / ٢١٩.