(الأصل الأول
في الحشر والنشر)
والنشر : إحياء الخلق بعد موتهم ، والحشر : سوقهم إلى موقف الحساب ، ثم إلى الجنة والنار (أمّا المليّ) أي : المنسوب إلى ملة ، أي : شريعة جاء بها نبي من جهة تمسكه بها واعتقاده حقيتها (فقاطع بهما ، للقطع بورودهما عن الله ورسوله) ولا خلاف بين الشرائع في الأصول الاعتقادية ، إنما الاختلاف بينها في الفروع ، وكل ما ورد في شريعتنا من أصول العقائد فهو كذلك في كل ملة ، وقد (قال تعالى : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) (سورة الأنبياء : ١٠٤)) وقال تعالى : ((أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٤٠)) (سورة القيامة : ٤٠)) وقال تعالى : ((ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) (سورة لقمان : ٢٨)) وقال تعالى : ((اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ) (سورة النساء : ٨٧)) وقال تعالى : ((ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) (١) (سورة العنكبوت : ٥٧)) وقال تعالى : ((وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) (سورة الروم : ٢٧)) أي : بتقدير تمثيل قدرته بقدركم الحادثة التي تتفاوت المقدورات بالنسبة إليها ، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) (سورة الروم : ٢٧) ، فإن جميع مقدوراته تعالى بالنسبة إلى قدرته التي هي صفته القديمة سواء ، لا يتصور فيها تفاوت بالأهونية (٢) ، (وتكرر) ذلك الحشر والنشر في كلام الله تعالى ورسوله (كثيرا) كقوله تعالى : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي
__________________
(١) في (ط) تحشرون. وهو خطأ بيّن.
(٢) الأهونية : من فعل أهان : استخف ، أصله : هان يهون : إذا لان وسكن ، والهمزة في «أهان» لسلب صفة اللين والرفق. ومقصود الشارح هنا بالأهونية : المراتب والدرجات ، فالمقدورات كلها في نفس المرتبة في تعلق قدرة الباري بها ، فلا تفاوت في نسبتها إليها.