(الأصل السادس
الجنة والنار مخلوقتان الآن)
وعليه جمهور المسلمين ومنهم بعض المعتزلة كأبي علي الجبائي وأبي الحسين البصري وبشر بن المعتمر (وقال بعض المعتزلة :) كأبي هاشم وعبد الجبار وآخرين (إنما يخلقان يوم القيامة ،) قالوا : (لأن خلقهما قبل يوم الجزاء) عبث (لا فائدة فيه ،) فلا يليق بالحكيم.
وضعفه ظاهر (١) ، لما تقرر من بطلان القول بتعليل أفعاله تعالى بالفوائد (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) (سورة الأنبياء : ٢٣) سبحانه.
قالوا : (ولأنهما لو خلقتا لهلكتا ، لقوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (سورة القصص : ٨٨)) واللازم باطل ، للإجماع على دوامهما ، وللنصوص الشاهدة ببقاء أكل الجنة وظلها ، (والجواب : تخصيصهما من) عموم (آية الهلاك) المذكورة (جمعا بين الأدلة) أي : الآية المذكورة وما يدل على وجودها الآن (كقوله تعالى في الجنة : (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (سورة آل عمران : ١٣٣) وفي النار (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (سورة البقرة : ٢٤ وآل عمران : ٣١) في آي كثيرة ، ظاهرة في وجودهما الآن ، كقصة آدم وحواء ، وقوله تعالى له (٢) : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما) (سورة الأعراف : ١٩) (إلى أن قال : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) (سورة الأعراف : ٢٢ ، وطه : ١٢١)).
(وحمل مثله على بستان من بساتين الدنيا) كما زعمه بعض المعتزلة (يشبه التلاعب أو العناد ، إذ المتبادر المفهوم من لفظ الجنة باللام) العهدية (في إطلاق الشارع ليس إلا) الجنة (الموعودة بالسنة ، وكثرة) بالجر أي : في كثرة (من
__________________
(١) في (م) : طاهر.
(٢) ليست في (م).