(الأصل السابع
في الإمامة)
وقد قدم المصنف أول الرسالة أن مباحثها ليست من علم الكلام ، بل من متمماته ، وبيّنا وجهه هناك ووجه القول بأنها منه.
(و) بدأ المصنف هنا بتعريفها فقال : (هي) أي : الإمامة (استحقاق تصرف عام على المسلمين) وقوله : «على المسلمين» متعلق بقوله : «تصرف» لا بقوله : «استحقاق» ، إذ المستحق عليهم طاعة الإمام لا تصرفه ، ولا بقوله : «عام» ، إذ المتعارف أن يقال : عام لكذا ، لا : عام على كذا.
وقد عرّف صاحب «المواقف» (١) و «شرحه» (٢) الإمامة بأنها : خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة الملة ، بحيث يجب اتباعه على كافة الأمة. وفي «المقاصد» (٣) نحوه ، فإنه قال : هي رئاسة عامة في الدين والدنيا ، خلافة عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
وبهذا القيد خرجت النبوة ، وبقيد «العموم» خرج مثل القضاء والإمارة في بعض النواحي ، ولما كانت الرئاسة والخلافة عند التحقيق ليستا إلا استحقاق التصرف ، إذ معنى نصب أهل الحل والعقد الإمام ليس إلا إثبات هذا الاستحقاق له عبّر المصنف بالاستحقاق.
فإن قيل : التعريف صادق بالنبوة ؛ لأن النبي يملك هذا التصرف العام.
قلنا : النبوة في الحقيقة بعثة بشرع ، كما علم من تعريف النبي ، واستحقاق
__________________
(١) المواقف ، ص ٣٩٥.
(٢) شرح المواقف ، ٨ / ٣٤٥.
(٣) المقاصد ، للتفتازاني ، ضمن شرح المقاصد ، ٥ / ٢٣٢.