(نعم ، روي آحادا قوله عليه) الصلاة و (السلام لعلي رضي الله عنه : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبيّ بعدي») وهو في الصحيحين وهذا اللفظ لمسلم (١) ، ولو عبر المصنف بقوله : «صح» بدل «روي» لجرى على اصطلاح المحدثين ، فإن روي عندهم من صيغ التمريض ، (وهو) أي : حديث المنزلة (مع أنه لا يكفي في) إثبات (المطلوب) أي : مطلوبهم وهو دعوى النص على إمامة علي لعدم صراحته في ذلك ، (و) مع أنه (لا يقاوم إجماع الصحابة) على إمامة أبي بكر (غير مفيد لمطلوبهم ، إذ لم يرد) بصيغة المبني للمفعول (بعد المستثنى) وهو قوله : «لا نبي بعدي» (العموم في جميع المنازل الكائنة لهارون من موسى عليه) وعلى هارون الصلاة و (السلام ، لانتفاء نسب الأخوة) الثابت لهارون ، (فبقي المراد البعض) أي : بعض المنازل الكائنة لهارون ، (من موسى (٢) والسياق يبينه) أي : يبين ذلك البعض ، (وذلك أنه) صلىاللهعليهوسلم (قاله) أي : القول المذكور (له) أي : لعلي (حين استخلفه عند منصرفه إلى تبوك ، فقال علي رضي الله تعالى عنه : أتتركني في المتخلفين) وفي لفظ في الصحيح : «تخلفني في النساء والصبيان» (كأنه استنقص تركه وراءه فقال له عليه الصلاة والسلام : «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى» (٣) يعني : حين (٤) استخلفه عند توجهه إلى الطور ، إذ قال له : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ) (٥) (سورة الأعراف : ١٤٢) وهو) أي : استخلافه على المدينة (لا يستلزم كونه أولى بالخلافة) العامة (بعده من كل معاصريه ، افتراضا ولا ندبا ، بل) يستلزم (كونه أهلا لها في الجملة ، وبه نقول).
(وقد استخلف عليه) الصلاة و (السلام في مرار أخرى غير علي رضي الله عنه ، كابن أم مكتوم ، ولم يلزم فيه ذلك) أي : كونه أولى بالخلافة بعده ، (بذلك) أي : باستخلافه على المدينة عند سفره.
(وأما ما روي آحادا) في جامع الترمذي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : («من كنت مولاه فعليّ
__________________
(١) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، باب مناقب سيدنا علي ، رقم ٣٧٠٢ ، والمغازي برقم (٤٤١٦) ، ومسلم برقم (٢٤٠٤).
(٢) ليست في (ط).
(٣) الحديث أخرجه البخاري في فضائل الصحابة ، باب مناقب علي بن أبي طالب ، رقم ٣٥٠٣ ، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة ، رقم ٢٤٠٤.
(٤) في (م) : حيث.
(٥) في (ط) : ولا تتبع سبيل المفسدين.