الاسمان من قبيل الأسماء المترادفة ، فكل مؤمن مسلم وكل مسلم مؤمن. ثم فسر صاحب «التبصرة» كلّا (١) بما يدل على تلازم مفهوميهما لا اتحادهما (٢).
وهو عين ما اختاره المصنف بقوله : (والأظهر أنهما) أي : الإيمان والإسلام (متلازما المفهوم ، فلا يكون إيمان في الخارج) معتبرا شرعا (بلا إسلام ، ولا إسلام) معتبرا شرعا (بلا إيمان).
(و) الأظهر (أن التصديق قول للنفس) ناشئ (عن المعرفة) تابع لها ، كذا في بعض النسخ بلفظ «عن» وفي بعضها : «غير المعرفة» ، وهو الملائم ، لتعليله بعده بقوله : (لأن المفهوم منه) أي : من التصديق (لغة) هو (نسبة الصدق) باللسان أو القلب (إلى القائل ، وهو فعل) لساني أو نفساني ، (والمعرفة) ليست فعلا ، إنما هي (من قبيل الكيف المقابل لمقولة الفعل ، فلزم خروج كل من الانقياد الذي هو الاستسلام و) من (المعرفة عن مفهوم التصديق) لغة ، مع ثبوت اعتبارهما شرعا في الإيمان.
(وثبوت اعتبارهما) شرعا (في الإيمان إما على أنهما جزءان لمفهومه شرعا ، أو) على أنهما (شرطان لاعتباره) لإجراء أحكامه (شرعا ،) فلا يعتبر شرعا بدونهما ، (و) هذا الثاني (هو الأوجه ، إذ في الأول) وهو كونهما جزءين ٣ لمفهومه (يلزم النقل) أي : نقل الإيمان من المعنى اللغوي إلى معنى آخر شرعي ، (وهو) أي : النقل (بلا موجب) أي : بلا دليل يقتضي وقوعه (منتف) لأنه خلاف الأصل فلا يصار إليه إلا بدليل ، ولا دليل.
بل قد كثر في الكتاب والسنة طلبه من العرب ، وأجاب من أجاب إليه بدون استفسار عن معناه ، وإن وقع استفسار من بعضهم فإنما هو عن متعلق الإيمان ، بدليل قوله صلىاللهعليهوسلم في جواب سؤال جبريل عن الإيمان : «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ... الخ» ٤ ، حيث فسر المتعلقات ولم يفسر لفظ الإيمان بل أعاده بقوله : «أن تؤمن» ؛ لأنه كان معروفا عندهم ، نعم ؛ لا نزاع في أنه لغة لمطلق التصديق ، وشرعا تصديق بأمور خاصة ، فهو تصديق بتلك الأمور الخاصة بالمعنى اللغوي (وعدم تحقق الإيمان بدونهما) أي : بدون المعرفة والاستسلام (ليس
__________________
(١) في (م) : جزءان.
(٢) أخرجه البخاري في الإيمان ، باب سؤال جبريل عليهالسلام عن الإيمان والإسلام رقم ٥٠ ، وأخرجه مسلم في الإيمان برقم ٩ ـ ١٠. وأخرجه عن عمر في الباب نفسه برقم ٨.