يستلزم جزئيتهما للمفهوم) أي : مفهوم الإيمان (شرعا ، لجواز الشرطية الشرعية) أي : جواز أن يكونا شرطين للإيمان شرعا وحقيقته التصديق بالأمور الخاصة بالمعنى اللغوي ، وتلك الأمور هي ما علم مجيء محمد صلىاللهعليهوسلم به ضرورة كما مر.
(وإذا) بالتنوين عوضا عن الشرط المحذوف ، أي : إذا تقرر أن كلا من الانقياد والمعرفة خارج عن مفهوم التصديق لغة ، وإن تحقق عدم الإيمان بدونهما لا يستلزم جزئيتهما لمفهوم الإيمان (ظهر ثبوت التصديق) لغة بدونهما ، فيثبت (مع الكفر) الذي هو ضد الإيمان ، أي : مع الحكم بكفر من قام به ذلك التصديق كما مر التنبيه عليه ؛ (لأنا لا نجد مانعا في العقل) يمنع (من أن يقول جبار عنيد لنبي كريم : صدق ، بلسانه مطابقا) هذا القول (لاعتقاد جنانه ، ثم يقتله لغلبة هوى) أي : هوى نفس لذلك القاتل.
(بل قد وقع) ذلك الفعل (كثيرا على ما يظهر) أي : يطلع (عليه من تتبع القصص ، فإن بعضها) أي : بعض القصص (يفيد قتل بعضهم) أي : الأنبياء (مع العلم) أي : علم القاتلين (بنبوتهم) لظهور المعجزات لهم ، كما وقع في يحي (١) وزكرياء (٢) عليهما الصلاة والسلام.
(وبعضها) أي : القصص (يفيد قصد قتل بعضهم مع ذلك) أي : الاعتراف بنبوة ذلك البعض (غير أن الله سبحانه سلّم) ذلك المقصود بالقتل ، (كما قصد عوج) هو : ابن عنق (٣) هو (والجبار الذي أغراه) بالسيد موسى (مع اعترافهما بنبوة) السيد (موسى عليه) الصلاة و (السلام ، على ما تفيده القصة) المسطورة في قصص الأنبياء وبعض التفاسير (٤).
(فلا يكون وجود نحو هذا) الفعل (دالا على انتفاء التصديق من القلب كما
__________________
(١) انظر قصة قتل يحيى عليهالسلام في قصص الأنبياء ، لعبد الوهاب النجار ، ص ٤٩٥ ، وقصص الأنبياء ، لابن كثير ، ص ٥٦٧.
(٢) انظر قصة قتل زكريا عليهالسلام ، في المرجعين السابقين ص ٤٩٤ وص ٥٦٣.
(٣) عوج بن عنق : وهو من الجبارين الساكنين بالأرض المقدسة ، وذكر بعض المفسرين أن عوج بن عنق خرج من عند الجبارين إلى بني إسرائيل ليهلكهم وكان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة ذراع ، قال ابن كثير : هكذا ذكره البغوي وغيره وليس صحيحا. والقصة موجودة عند ابن كثير مع إبطاله لها ، انظر : قصص الأنبياء ، ص ٣٧٥ ، وقال : ونقله ابن جرير عن ابن عباس ، وفي إسناده إليه نظر ، ثم هو مع هذا كله من الإسرائيليات.
(٤) انظر : تفسير الطبري ، ٤ / ١٧٣ ، وقصص الأنبياء لابن كثير ، ص ٣٧٥.