ظنه الأستاذ) أبو القاسم الأسفرايني (على ما قدمناه عنه) وعبر عنه هناك ب «الإمام» ، (بل) يدل مثل الفعل المذكور كقتل النبي ممن قام به التصديق (على عدم اعتباره) أي : التصديق (منجيا) له (شرعا) من عذاب الكفر المخلد.
(والإيمان) كما مر أنه مقطوع به (وضع إلهي له) أي : للإله سبحانه و (تعالى أن يعتبر ـ في تحقق لازمه الذي قدمناه ـ ما شاء) من الأمور (مع التصديق) وقد مر أنه يكفر من استخف بنبي أو بالمصحف أو بالكعبة ، وهو مقتض لاعتبار تعظيم كل منها ؛ لأن الله جعله في رتبة عليا من التعظيم.
غير أن الحنفية اعتبروا من التعظيم المنافي للاستخفاف بما عظمه الله تعالى ما لم يعتبره غيرهم ، (ولاعتبار التعظيم المنافي للاستخفاف) المذكور (كفّر الحنفية) أي : حكموا بالكفر (بألفاظ كثيرة وأفعال تصدر من المتهتكين) الذين يجترءون بهتك حرمات دينية (لدلالتها) أي : لدلالة تلك الألفاظ والأفعال (على الاستخفاف بالدين ، كالصلاة بلا وضوء عمدا ، بل) قد حكموا بالكفر (بالمواظبة على ترك سنة استخفافا بها ، بسبب أنها إنما فعلها النبي زيادة ، أو استقباحها) بالجر عطفا على «المواظبة» أي : بل قد كفر الحنفية من استقبح سنة ، (كمن استقبح من) إنسان (آخر جعل بعض العمامة تحت حلقه ، أو) استقبح منه (إحفاء شاربه) (١).
(فإن قلت :) قد فسرتم الإسلام بالاستسلام والانقياد ، وهو خلاف ما فسره به الشرع ، (فقد صرح) نبينا (عليه) الصلاة و (السلام في جواب جبريل عن السؤال عن الإسلام بأنه الأعمال حيث قال : «أن تشهد لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ... الخ) وهو : «وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» (٢) ، فإنه جعل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج من الإسلام؟
(قلت : لا شك) في (أنه) أي : الإسلام (يطلق على ذلك) أي : ما ذكر من الأعمال شرعا ، (كما يطلق على ما ذكرنا) من الاستسلام والانقياد لغة وشرعا ،
__________________
(١) أخرج البخاري في كتاب اللباس باب تقليم الأظافر ، برقم ٥٥٥٣ ، عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «خالفوا المشركين ، وفروا اللحى وأحفوا الشوارب» وأخرجه البخاري في باب إعفاء اللحى برقم ٥٥٥٤ ، عن ابن عمر أيضا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «انهكوا الشوارب وأعفوا اللحى».
(٢) أخرجه البخاري في الإيمان ، باب سؤال جبريل النبي صلىاللهعليهوسلم عن الإيمان والإسلام رقم ٥٠ ، وأخرجه مسلم في الإيمان ، برقم ٩ ـ ١٠ ، وأخرجه عن ابن عمر في الباب نفسه برقم ٨.