بصيرته (بأن جذبه) أي : المكلف (جاذب إلى التعقل) أي : تعقل ذلك الأمر التفصيلي (وجب إعطاؤه) أي : إعطاء ذلك الأمر التفصيلي (حكمه) المتعلق به خاصة ، (من وجوب الإيمان) فيجب الإيمان (به) تفصيلا ، (فإن كان) ذلك الأمر التفصيلي (مما ينفي جحده الاستسلام أو يوجب التكذيب) للنبي صلىاللهعليهوسلم فيه (فجحده) المكلف (كفر) أي : حكم بأنه كافر ، (وإلا) أي : وإن لم ينف جحده الاستسلام ولا أوجب التكذيب (فسق) جاحده (وضلل) أي : حكم بأنه فاسق ضال ، (فما) أي : فالذي (ينفي الاستسلام) فهو (كل ما قدمناه عن الحنفية) من الألفاظ والأفعال الدالة على الاستخفاف ، (وما) ذكرناه (قبله من قتل نبي ، إذ الاستخفاف أظهر فيه) أي : في قتل النبي ، يعني : إن قتله أظهر في الاستخفاف بالدين من الألفاظ والأفعال الصادرة من المتهتكين ، كما مر من استقباح إحفاء الشارب والمواظبة على ترك السنة استخفافا بها (١).
(وما) أي : والذي (يوجب التكذيب) هو (جحد كل ما ثبت عن النبي) صلىاللهعليهوسلم (ادعاؤه ضرورة) أي : بحيث صار العلم بكونه ادعاؤه ضروريا ، كالبعث والجزاء والصلوات الخمس ، (ويختلف حال الشاهد للحضرة النبوية ، و) حال (غيره) ممن لم يشهدها ، (في بعض المنقولات دون بعض ، فما كان ثبوته ضرورة عن نقل اشتهر وتواتر فاستوى في معرفته الخاص والعام استويا) أي : الشاهد وغيره (فيه) أي : في وجوب الإيمان به ، (كالإيمان برسالة محمد) صلىاللهعليهوسلم (وما جاء به من وجود الله تعالى) أي : وجوب وجود ذاته المقدسة سبحانه ، (وانفراده) تعالى (باستحقاقه العبودية على العالمين) إذ هو مالكهم حقيقة لأنه الذي أوجدهم من العدم ، (و) هذا الانفراد (هو معنى نفي الشريك) في استحقاق العبودية ، (و) هو معنى (التفرد بالألوهية وما يلزمه) أي : ما يلزم التفرد بالألوهية (من الانفراد) أي : انفراده تعالى (بالقدم ، وما عنه ذلك) أي : وما يعلم عنه الانفراد ، بالقدم (٢) (من الانفراد) أي : انفراده تعالى (بالخلق) أي : إيجاد الممكنات ، لأنه الدليل على وجوب الوجود والانفراد بالقدم ، (وما يلزم الانفراد بالخلق من كونه تعالى حيا عليما قديرا مريدا) (٣) على ما مر في الركن الثاني من أن ثبوت استناد جميع الحوادث إليه
__________________
(١) انظر : حديث إحفاء الشارب ، ص ٣٣٦.
(٢) ليست في (ط).
(٣) وهذا الاستلزام واجب عقلا في حق المتصف بالكمال والانفراد سبحانه.