وأما الجواب فأشار إليه بقوله : (احتيج) وهو جواب «لما» أي : لما كان الظاهر لا يصح أن يراد احتيج (إلى تأويله ، فقيل) في تأويله : (الخطاب) أي : بقوله : (بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (سورة البقرة : ٢٦٠) (مع الملك) حين قال له الملك : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) (سورة البقرة : ٢٦٠) فقال ما قال : (ليطمئن قلبه بأنه) أي : الملك المخاطب له (جبريل).
(والتأمل اليسير ينفيه) أي : ينفي هذا التأويل ، أي : يتبين به بطلانه ؛ لأن الآية مصرحة بأن الخطاب للرب تعالى ، وأنه المخاطب لإبراهيم.
(وقيل) في تأويله : المراد في الآية بقوله : (لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (سورة البقرة : ٢٦٠) (زيادة الاطمئنان) أي : ليزداد قلبي طمأنينة ، (ويرجع الكلام في معنى زيادته ، ويجيء فيه ما تقدم) من أن الزيادة في ذات الإيمان أو بأمور خارجة على ما عرفت تقريره.
(وقيل) في تأويله : (طلب) السيد إبراهيم صلىاللهعليهوسلم (حصول القطع بالإحياء بطريق آخر وهو البديهي) الذي بداهته (سبب وقوع الإحساس به) أي : بالإحياء ، (وهذا) تأويل (حسن ، و) لكنه (لا يفيد في محل النزاع لأحد من الفريقين ؛) لأن محل النزاع : هل يزيد الإيمان وينقص أو لا يزيد ولا ينقص؟ والآية على هذا التأويل لا تفيد إثبات ذلك ولا نفيه ، (وحاصله) أي : حاصل هذا التأويل (أنه لما قطع) السيد إبراهيم صلىاللهعليهوسلم (بذلك) أي : بالقدرة على إحياء الموتى (عن موجبه) بكسر الجيم ، أي : الدليل الموجب للقطع (اشتاق إلى مشاهدة) كيفية (هذا الأمر العجيب الذي جزم بثبوته ،) وضرب لذلك المصنف مثلا بقوله : (كمن قطع بوجود دمشق وما فيها من أجنة) جمع جنان جمع جنة ، أي : من بساتين كثيرة (١) (يانعة) أي : ذات ثمار نضيجة (وأنهار جارية ، فنازعته نفسه في رؤيتها والابتهاج بمشاهدتها) أي : طلبت منه ذلك ، (فإنها) أي : النفس (لا تسكن) عن ذلك الطلب (وتطمئن حتى يحصل مناها) أي : ما تمنته من المشاهدة ، (وكذا شأنها) أي : النفس (في كل مطلوب) لها (مع العلم بوجوده ، فليس تلك المنازعة والتطلب (٢) ليحصل القطع بوجود دمشق ، إذ الفرض ثبوته) وهذا التأويل يشير إلى أن المطلوب بقول إبراهيم صلىاللهعليهوسلم : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (سورة البقرة : ٢٦٠) هو سكون قلبه عن المنازعة إلى رؤية
__________________
(١) انظر : القاموس المحيط ، ص ١١٨٧.
(٢) ليست في (م).