(سورة آل عمران : ١٨) وقوله تعالى : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) (سورة طه : ١٤) ، فلا يتجه لأهل السنة خلاف في أنه قديم.
وأما إن أريد تصديقه رسله بإظهار المعجزات على أيديهم ، فهو من صفات الأفعال ، وقد علم الخلاف فيها بين الفريقين الأشاعرة والماتريدية ، وإظهارها يدل على أنه صدقهم بكلامه في ادعاء الرسالة ، كما دل عليه قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) (سورة الفتح : ٢٩).
فإن قلت : نفرض الخلاف في إطلاق قول القائل : «الإيمان مخلوق» ، مريدا بالإيمان المعنى اللغوي ، الصادق بالإيمان الذي هو وصف الله سبحانه ، وبالإيمان الذي هو وصف للمخلوق مكلف به ، ويكون القائل بجواز إطلاق أن الإيمان مخلوق إنما ينصرف الإيمان عنده إلى المكلف به خاصة ؛ ((١) لأنه المتبادر من إطلاقه في لسان أهل الشرع ، واحتمال إرادة ما يصدق به وبغيره بعيد جدا (١)) (٢) ، والقائل بعدم جوازه ينظر إلى صدق الإيمان على الإيمان الذي هو وصف الله تعالى ، وإن الإطلاق يوهم القول بأنه مخلوق ، وهو خطأ وضلال ، فقد تحقق ما هو محل للنزاع.
قلنا : ليس هذا خلافا في خلق حقيقة الإيمان ، إنما هو خلاف في إطلاق اللفظ ، وليس كلامهم فيه ، وتحقيقنا لهذا المحل على هذا الوجه من النفائس. والحمد لله.
(المسألة الثالثة : اختلف في جواز إدخال الاستثناء الإيمان)
(بأن يقال : أنا مؤمن إن شاء الله ، فمنعه الأكثرون ؛ منهم أبو حنيفة وأصحابه (٣)) قالوا : (وإنما يقال : أنا مؤمن حقا ، وأجازه كثير) من العلماء (منهم الشافعي وأصحابه) وهذا النقل عن «الأكثر» و «الكثير» تبع فيه المصنف «شرح المقاصد» (٤) ، وهو معارض بأن شيخ الإسلام أبا الحسن السبكي (٥) نقل في كتابة
__________________
(١) سقط من (م).
(٢) في (ط) : لا يحتمل غيره.
(٣) في (م) : رضي الله عنهم.
(٤) انظر : شرح المقاصد ، ٥ / ٢١٥ ، مع الإشارة إلى أن صاحب المقاصد وشرحه لم يقل أجازه الأكثر ، بل قال ذهب كثير من السلف ... ثم أعقب ذلك بقوله : ومنعه الأكثرون ، فقد نقل عن الأكثر المنع.
(٥) تقدمت ترجمته ، ص ١٩٩.