الاستثناء (أبعد عن التهمة) بعدم الجزم بالإيمان في الحال الذي هو كفر ، (فكان) تركه (واجبا) لذلك.
ولما كان هذا إنما يتمشى عند إطلاق اللفظ دون قصد إلى إيمان الموافاة المقتضي للتبرك بالمشيئة خوفا من سوء الخاتمة مع الجزم في الحال ، أما من علم قصده بقرائن ظاهرة فلا وجه لمنعه ، أشار إلى الجواب عن هذا بقوله : (((١) وأما من علم (١)) قصده) إيمان الموافاة ، وأنه إنما استثنى تبركا خوفا من سوء الخاتمة ، (فربما تعتاد النفس) أي : نفس من يأتي بالاستثناء المذكور (التردد) في الإيمان في الحال ، (لكثرة إشعارها) أي : إشعار النفس بواسطة (٢) الاستثناء (بترددها) أي : النفس (في ثبوت الإيمان واستمراره ، وهذه) أي : كثرة إشعار النفس بالتردد في ثبوت الإيمان واستمراره (مفسدة ، إذ قد يجر إلى وجوده) أي : التردد في الثبوت والاستمرار (آخر الحياة الاعتياد) فاعل «يجر» (به) أي : بذلك التردد (خصوصا ، والشيطان متبتل (٣)) أي : منقطع مجرد نفسه (بك) أي : بسببك ، ساع في هلاكك يا ابن آدم (لا شغل له سواك ، فيجب) حينئذ (تركه) أي : الاستثناء المؤدي إلى هذه المفسدة.
وأنت خبير بأن إشعار اللفظ في نفسه إنما هو باعتبار التعلّق ، وهو خلاف المفروض ، إذ الفرض قصد التبرك لأجل إيمان الموافاة خوفا من سوء الخاتمة. وبالله التوفيق.
(المسألة الرابعة : الإيمان باق)
حكما (مع النوم ، و) مع (الغفلة ، و) مع (الغشية ،) أي : الإغماء ، (و) مع (الموت ، إن كان كل منها) أي (٤) : هذه الحالات الأربع (يضاد التصديق) مطلقا حقيقة ، فيضاد الإيمان لأنه تصديق خاص (و) يضاد (المعرفة) كذلك ، وهذا بالنظر إلى من يفسّر الإيمان بالمعرفة ، (ولكن الشرع حكم ببقاء حكمهما) أي : التصديق
__________________
(١) سقط من (م).
(٢) في (ط) : كلمة.
(٣) جاء في لسان العرب : (تبتل إلى الله : انقطع وأخلص ، وفي التنزيل : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) [المزمل : ٨] والتبتل : الانقطاع عن الدنيا إلى الله تعالى وكذلك التبتيل. يقال للعابد إذا ترك كل شيء وأقبل على العبادة : تبتل أي : قطع كل شيء إلا أمر الله وطاعته. فالشيطان منقطع عن كل شيء سوى الإنسان ، فإنه مقبل إليه تاركا كل شيء عداه. (انظر : لسان العرب ، ١ / ٣١١)
(٤) في (ط) : من.