(الأصل الخامس : أنه تعالى ليس بجسم)
(و) الجسم (هو المؤلف من جواهر) فردة وهي الأجزاء التي (لا تتجزأ وإبطال كونه جوهرا) كما مر في الأصل الرابع (يستقل به) أي : بإبطال كونه جسما ؛ لأنه إذا بطل كونه جوهرا مخصوصا بحيز ، بطل كونه جسما لأن كل جسم فهو مختص بحيز ومركب من جوهر وجوهر (مع) ما في الجسمية من (زيادة لوازم تقتضى الحدوث كالهيئة والمقدار والاجتماع والافتراق) فإن كلا منها ينافي الوجوب الذاتي لاقتضائها الاحتياج على ما قرر في المطولات (١) (فإن سماه أحد جسما وقال لا كالأجسام يعني في نفي لوازم الجسمية) كبعض الكرّامية (٢) فإنهم قالوا : هو جسم بمعنى موجود ، وآخرين منهم قالوا : هو جسم بمعنى أنه قائم بنفسه فأخطئوا بذلك ، ومن أخطأ بذلك (فإنما خطؤه في إطلاق الاسم) لا في المعنى (كالأوّل) أي : كمن قال : «جوهر لا كالجواهر» ، فإن خطأه كذلك كما مر ، هذا أعنى خطأ من أطلق الأول أو الثاني ثابت (بالإجماع) من القائلين بأن الأسماء توقيفية ، والقائلين بجواز إطلاق ما لا يوهم نقصا وإن لم يرد به توقيف ، وظاهر عبارة المتن أن محل الإجماع حصر الخطأ في إطلاق اسم الجسم أو الجوهر دون المعنى وهو حصر إضافيّ ، والأوجه ما شرحنا به العبارة من أن قوله : «بالإجماع» خبر مبتدأ محذوف
__________________
(١) انظر : الحواشي البهية ، ١ / ٧٢ ، وشرح المواقف ، ٦ / ١٨٩.
(٢) نسبة إلى محمد بن كرّام السجستاني ، من سجستان ، نفي منها إلى غرجستان وهناك بايعه قوم على طريقته وخرجوا إلى نيسابور والتف حولهم جماهير كثيرة. كان يسمي معبوده جسما ، ويحدّه بأدوات القياس ، ويقول بأن الله محل للحوادث ، ويقول بالخالقية والرازقية إلى غير ذلك من العقائد ، وتوزعت الكرامية على ثلاث فرق : الحقائقية والطرائقية والإسحاقية. انظر : التبصير في الدين ، للاسفراييني ، ص ١١١.