(الأصل السادس : أنه تعالى ليس عرضا)
واستدل له من وجهين :
الأول : ما تضمنه قوله (لأن العرض) هو (ما يحتاج إلى الجسم) وفي «الاقتصاد» (١) : أو الجوهر (في تقومه ،) أي : في قيام ذاته وتحققها (فيستحيل وجوده قبله) ضرورة استحالة وجود ما يتوقف وجوده على شيء قبل ذلك الشيء (والله تعالى قبل كل شيء ، وموجده) كما ثبت بالأدلة السابقة.
(و) الثاني : ما تضمنه قوله : (لأنه تعالى موصوف بالحياة والعلم والقدرة وغيرها مما سنبينه) كالإرادة والخلق (وليس العرض كذلك ،) إذ لا تعقل هذه الأوصاف إلا لموجود قائم بنفسه.
(وقد تحصّل) من أول الأصول (إلى هنا أن العالم كله جواهر وأعراض) وقوله : «جواهر» يتناول الأجسام ؛ لأنها كلها جواهر مؤلفة (وأنه تعالى موجود قائم بنفسه ليس جوهرا ولا عرضا) بل ذاته مخالفة لسائر الذوات (فلا يشبه شيئا) ولا يشبهه شيء (كما قال تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (سورة الشورى : ١١)) أي : ليس مثله شيء يناسبه ويزاوجه ، أو المراد من «مثله» : ذاته المقدسة ، كما في قولهم : «مثلك لا يفعل كذا» ، على قصد المبالغة في نفيه بطريق الكناية ، فإنه إذا نفي عمن يناسبه ويسد مسده كان نفيه عنه أولى ، وقيل : «مثله» : صفته ، أي ليس كصفته صفة ، و «المخالفة» بينه وبين سائر الذوات لذاته المخصوصة به تعالى لا لأمر زائد ، هذا مذهب الأشعري ومن وافقه ، وأما الأدلة عليه فإلى المطولات.
__________________
(١) ص ٦١.